واصلت أمس الغرفة الجزائية بمجلس قضاء الجزائر محاكمة المتّهمين في ملف سرقة وقود (نفطال) من محطة الخروبة، حيث تمسّك معظمهم بإنكار ما نسب إليهم من تهم ثقيلة تتعلّق بتكوين جماعة أشرار بغرض الإعداد لجرائم وجنايات واختلاس أموال عمومية وسوء استغلال الوظيفة وأجمعوا على أن اعترافاتهم خلال التحقيق كانت تحت الضغط والتعذيب الممارس ضدهم. تميّز اليوم الثاني من المحاكمة بالاستماع إلى عدد من إطارات (نفطال) من أصل 24 متّهما شاركوا في أكبر فضيحة تمسّ (نفطال)، حيث أقدموا على سرقة كمّيات كبيرة من الوقود وإعادة بيعها في السوق السوداء، ما كلّف المؤسسة خسائر مادية فادحة حتى وإن كانت الخبرة المنجزة لم تحدّد وجود أيّ خسائر. وقد تمسّك غالبية المتّهمين بإنكار تهم تكوين جماعة أشرار بغرض الإعداد لجرائم وجنايات واختلاس أموال عمومية وسوء استغلال الوظيفة. وفي هدا الصدد، صرّح مسؤول الشحن بأنه لا تربطه أيّ علاقة بالقضية، مشيرا إلى أنه كان يزاول عمله بطريقة عادية في محطة الخروبة كمسؤول عن شحن الشاحنات بالوقود بعد الموافقة على ذلك عقب استلامه الفواتير من السائقين، والتي يتمّ تدوينها في السجِّلات، ومن بينها الفاتورة الأخيرة التي تسلّمها بتاريخ 21 فيفري 2013 من عند السائق الذي ألقي عليه القبض بعد كشف القضية، والتي عثر عليها أثناء التحقيق مدوّنة في السجِل، موضّحا أنه لم يكن على علم بأنها مزوّرة بدليل أنه أمر بشحنها بعد تفتيشها مرّتين قبل وصولها إلى منطقة الشحن، حيث استلم الفاتورة ودوّنها في السجِّل ووضع عليها ختم مؤسسة (نفطال) بالطريقة المعمول بها. من جهته، المتّهم (ب. إلياس) فنّد كلّ التصريحات التي جاءت في محاضر التحقيق، مشيرا إلى أنه لا يعلم كيف تورّط في القضية، وبالنّسبة لسائقي الشاحنات فقد تمسّكوا بدورهم بإنكار التهم المنسوبة اليهم. أمّا المتّهم الرئيسي والعقل المدبّر لعملية السرقة، ويتعلّق الأمر برئيس أمن مجموعة (نفطال) فقد صرّح خلال اليوم الأوّل للمحاكمة بأنه قام بتوريط أشخاص في الملف لا علاقة لهم بدافع الانتقام وحتى لا يتحمّل المسؤولية الجزائية بمفرده، حيث صرّح بأنه قام بذلك بعد إلحاح من المتّهم (ش. عبد الحقّ) الذي طلب منه أن يزوّر له فواتير لإخراج شاحنات البنزين وبيعها مقابل 50 مليون سنتيم وتقاسم عائداته فيما بينهم، فوافق على ذلك وقام بتزوير الفواتير بواسطة جهاز إعلام آلي تمّ ضبطه في منزله من قِبل عناصر الأمن أثناء تفتيشه بالإضافة إلى طابعات وفواتير نموذجية، ومن خلال تصريحاته أكّد أنهم قاموا بعملية واحدة فقط وتمّ إلقاء عليهم القبض بعدما كشف أمرهم، وعندما واجهه القاضي بتصريحاته أمام الضبطية القضائية وقاضي التحقيق التي اعترف خلالها بأنهم قاموا ب 6 عمليات منذ سنة 2010 أجابه بأن كلّ ما أدلى به أمام مصالح الضبطية القضائية كان تحت الضغط بسبب ما تعرّض له من قِبلها، والتي كانت تملي عليه أقوالا وتجبره على الإمضاء عليها. وكانت القضية قد انكشفت سنة 2012 بعد ورود معلومات عن خروج شاحنات خزّان ليلا بطريقة مشبوهة من محطة تكرير البنزين بالخروبة وهي مملوءة بالبنزين نحو وِجهة مجهولة، وبعد التحقيق تبيّن أن مسؤولين في هذه المحطة وبالتواطؤ مع عمّال الإدارة قاموا لعدّة سنوات بتهريب كمّيات كبيرة من البنزين من محطة الخروبة لإعادة بيعها في السوق السوداء، حيث استطاعوا جمع مبالغ مالية معتبرة. ورجعت القضية بعد استئناف النيابة العامّة ودفاع المتّهمين الأحكام الابتدائية الصادرة عن محكمة (سيدي امحمد)، والتي تراوحت بين ثلاث حبسا وسبع سنوات سجنا نافذا في حقّ المتّهمين وهم موظّفون وأعوان أمن في مؤسسة (نفطال)، فيما استفاد خمسة متّهمين من البراءة ممّا ينسب إليهم.