اعتبر رجل الدين فتح الله كولن أن الحملة التي يشنها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على أتباعه هي (أسوأ عشرات المرات) من أي شيء واجهته حركته بعد الانقلابات التي قام بها الجيش العلماني. يأتي هذا ردا على تصريحات أردوغان التي وصف فيها ضمنيا الرجل المؤثر في تركيا وملايين المنضوين تحت حركته ب(الحشرات). ويتهم أردوغان شبكة المراكز التعليمية التي تعرف باسم (خدمة) التابعة لكولن والتي رسخت نفوذا قويا داخل جهازي الشرطة والقضاء على مدى عقود بتدبير تحقيق الفساد الذي تحول إلى أكبر تحد لحكمه المستمر منذ 11 عاما. وذهب مراقبون محليون إلى القول إن ما يعيشه رئيس الوزراء التركي شبيه برقصة الديك المذبوح، فهو يعادي الجميع ليظهر وكأنه القوي الوحيد، لكن شعبيته في تراجع كبير. وقال كولن المقيم في الولاياتالمتحدة، والذي تقول شبكته العالمية من الأتباع إن عددها بالملايين، إنه كان ضحية لحملة تشويه سمعة. وأضاف أنه (في أعقاب الانقلاب العسكري في 12 سبتمبر 1980 تعقبتني السلطات لست سنوات كما لو كنت مجرما، نفذت مداهمات، كما تعرض أصدقاؤنا لمضايقات، بمعنى من المعاني أصبح الأمر بالنسبة لنا دورة حياة نعيش فيها تحت مراقبة دائمة في مناخ انقلابي). وقال كولن (هذه المرة نواجه معاملة مماثلة لكن على أيدي مدنيين لهم نفس معتقداتنا. يجب أن أعترف أن هذا يسبب لنا مزيدا من الألم. كل ما نستطيع قوله.. هذا أيضا سيمر.. وسنظل صابرين). يشار إلى أن كولن يعتبر أحد أبرز الرجال المؤثرين على الساحة التركية رغم استقراره في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث نجح على مدار عقود في التغلغل وبسط نفوذه في أجهزة الدولة، وهو ما يشير إلى أن معركة أردوغان معه غير محسومة النتائج، حسب المتابعين. وشن أردوغان خلال الفترة الماضية حملة ضد آلاف ضباط الشرطة ومئات المدعين والقضاة، يزعم حزب العدالة والتنمية أنهم من أتباع كولن. ويهدد هذا العداء الذي طفا على السطح بين الطرفين بتقويض استقرار تركيا قبيل الانتخابات البلدية في 30 مارس الجاري، والتي تعتبر أول اختبار لشعبية أردوغان عبر صناديق الاقتراع منذ اندلاع احتجاجات الصيف الماضي وما تلاها من فضائح الفساد. ويلي انتخابات هذا الشهر سباق رئاسي بعد خمسة أشهر تؤكد توقعات منذ فترة طويلة أن يخوضه أردوغان غير أن حزبه قد يغير أيضا من لوائحه الداخلية للسماح له بتولي فترة خامسة في رئاسة الوزراء. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبية أردوغان تشهد تراجعا كبيرا في ظل فضيحة الفساد المدوية التي شبهها البعض بكرة الثلج التي باتت تتعاظم مع الوقت لتشكل تهديدا حقيقيا لحكم رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية. وكان رئيس الوزراء وصف مؤخرا من يقف وراء فضيحة الفساد ب(الحشرات) في تلميح ضمني لكولن، منددا بما اتضح أنه تنصت على مدى سنوات على آلاف من الهواتف ومنها هاتفه الشخصي من قبل (دولة موازية) مصمّمة على الابتزاز لكسب النفوذ.