شهدت بعض التجمّعات المقامة في إطار الحملة الانتخابية لرئاسيات السابع عشر أفريل لحساب المترشّح الحرّ عبد العزيز بوتفليقة بعض محاولات التشويش التي أراد أصحابها إفساد الجو العام للتجمّعات ودفع منشّطيها إلى إلغاء نشاطاتهم ومداخلاتهم أو التقليص من مدّتها، ولم يتردّد أنصار أحد المترشّحين في رفع صور لمرشّحهم خلال عمليات التشويش المتعمّدة التي تتنافى مع قواعد اللّعبة الديمقراطية، ويبدو أن عجز بعض الجهات عن النيل من شعبية بوتفليقة وإفلاس برامجها يدفعها إلى استخدام وسائل غير ديمقراطية تماما. من يشوّش على حملة بوتفليقة؟ سؤال تبادر إلى أذهان كثيرين بعد حادثة محاولة بعض (المتعصّبين) الاعتداء على كلّ من عمارة بن يونس وعمار غول، أحد القياديين البارزين في مديرية حملة بوتفليقة قبيل تنشيطهما تجمّعا موّجه للجالية الجزائرية المقيمة بمدينة مارسيليا الفرنسية، وكذا محاولات عرقلة السير الحسن لبعض تجمّعات مدير الحملة نفسه عبد المالك سلال. وقد أقرّت مديرية حملة بوتفليقة بحصول محاولات تشويش سياسية على بعض التجمّعات الانتخابية، واتّهمت مديرية الحملة الانتخابية للمترشّح بوتفليقة في بيان لها أنصار مترشّح معيّن لم تسمّه بالتسلّل بين الحاضرين إلى التجمّعات الشعبية للمترشّح عبد العزيز بوتفليقة (محاولين بذلك من خلال سلوكات غير مقبولة تعكير صفو أجواء العرس والفرحة التي تميز جميع هذه اللقاءات). وتأسّفت مديرية حملة بوتفليقة أمس الثلاثاء في بيان لها، تلقّت (أخبار اليوم) نسخة منه، للسلوكات (التي لا يمكن وصفها) و(غير المقبولة) الصادرة عن مناصري (أحد المترشّحين) تعكّر صفو أجواء التجمّعات، مشيرة إلى أنه تمّ إخطار اللّجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات الرئاسية بهده المسألة. كما اعتبرت مديرية حملة الرئيس المترشّح أنه من (المؤسف) أن يتمّ استغلال الشباب (لأغراض دنيئة وحقيرة من طرف سياسيين من المفترض أنهم يحملون طموح المصير الوطني ألا وهي رئاسة الدولة)، مُلحّة على أن (هذا السلوك ليس سوى نفخا في الرماد). وأضاف البيان أنه (بالرغم من النداء الذي وجّهه رئيس الجمهورية في رسالته إلى الشعب الجزائري في 22 مارس 2014 من أجل أن يكون (التنافس شريفا وهادئا تنافسا يسوده التباري بالأفكار والبرامج، إلاّ أننا الآن ونحن في أيّام الحملة الانتخابية أمام وضع تسوده السلوكات التي تتعارض تماما مع كلّ الأخلاقيات السياسية)، مشيرا بالخصوص إلى تجمّعات السيّدين عمار غول وعمارة بن يونس في مرسيليا وتجمّعات السيّد عبد المالك سلال مدير الحملة في العديد من المرّات. وأضافت مديرية الحملة أن من واجبها (التنديد بهذه السلوكات التي تحوّلت تدريجيا من التشويش والضجيج إلى مناورات التطفّل وقد بلغت أحيانا استعمال العنف الجسدي)، وأوضحت أنه (تمّ رفع هذه المسألة إلى لجنة مراقبة الانتخابات الرئاسية وكذلك تحديد هوية مرتكبي تلك التجاوزات وسوف يتحمّلون مسؤولياتهم كما يقتضي الأمر أمام العدالة). وخلص البيان إلى أن (تحذيرنا يخص ما جرى وكذلك ما قد يجري في المستقبل، علما فيما يخصنا أننا نراعي في مسعانا الأخلاقيات التي لا يمكننا التغاضي عنها أبدا، بل نودّ أيضا مثلما أراده رئيس الجمهورية أن تكون هذه الانتخابات عرسا مباركا لجميع الجزائريين). إذا كانت مديرية حملة بوتفليقة لم تقدّم اسم المترشّح الذي قالت إن بعض أنصاره يقومون بالتشويش على تجمّعات قيادييها، فإن أصابع اتّهام المتتبّعين تتّجه مباشرة إلى المترشّح علي بن فليس. هذا الاتّهام ليس جزافيا، بل هو وليد جملة من المعطيات، أبرزها أن بعض أنصار بن فليس لا يتردّدون خلال ممارسة عملية التشويش على حملة بوتفليقة في رفع صور مرشّحهم وترديد هتافات سياسية لصالحه. وإذا كان من حقّ أيّ شخص التعبير عن ولائه لمترشّح معيّن والهتاف باسمه ورفع صوره فإن أبجديات الديمقراطية تقتضي احترام المترشّحين الآخرين وأنصارهم وعدم التشويش على تجمّعاتهم الانتخابية. ويبدو العديد من أنصار بن فليس في طريقهم لتكرار سيناريو حملة رئاسيات 2004، حين تجاوز بعضهم كلّ الأعراف والأخلاقيات وانخرطوا في حملة سباب وشتائم بائسة. ولا يمكن أن ننسب التهمة لأنصار بن فليس ونبرّئه منها، فالرجل لا يتوقّف عن التهجّم على بوتفليقة إلى درجة أن حوّله إلى برنامجه خلال الحملة، ويبدو أن تهجّم بن فليس على بوتفليقة يغري أنصاره بالتشويش على حملة (الرئيس المترشّح). وإلى جانب بن فليس وأنصاره توجد جهات أخرى في قفص الاتّهام، حيث لا يتردّد بعض المنتسبين إلى تيارات المقاطعة وبعض أطياف (المعارضة المتعصّبة) في حملات للتشويش على عدد من المترشّحين، وفي مقدّمتهم بوتفليقة الذي يبدو الأكثر عرضة لتهجّمات المتهجّمين الباحثين عن مكان لهم تحت الظلّ.