إذا كان من حقّ الجميع التعبير عن آرائهم، مهما كانت، فإن ذلك ينبغي أن لا يتمّ بطريقة فيها سبّ وشتم وتطاول وتهجّم بغير وجه حقّ، ومن المؤسف للغاية أن يتحوّل بعض الصحفيين في قنوات فضائية خاصّة إلى (مناضلين حزبيين) و(سياسيين متعصّبين ومتطرّفين) يهاجمون مرشّحا معيّنا ويدافعون عن مرشّح آخر ولا يتردّدون في الدوس على أخلاقيات المهنة الصحفية. مع اقتراب انطلاق الحملة الانتخابية لرئاسيات 2014 يلاحظ أن بعض المنابر الإعلامية انحرفت تماما عن أداء واجبها الإعلامي بحيادية وموضوعية، حيث راحت تتهجّم على مرشّحين وترافع لصالح آخرين، علما بأن الجزائر عاشت تجربة مماثلة على مستوى الصحافة المكتوبة بمناسبة رئاسيات 2004، حيث شنّت بعض الصحف، حينها، حملة شعواء على المترشّح عبد العزيز بوتفليقة وقامت بحملة تجميل وتزويق وتنميق لمنافسه الأبرز علي بن فليس، وأظهرت نتائج الانتخابات حينها محدودية تأثير تلك الصحف، وهو ما لا يستبعد متتبّعون تكراره هذه المرّة، حيث يتوقّعون أن تنكشف محدودية تأثير الصحف والقنوات التي تحترف (تسخين البندير") والدوس على أخلاقيات مهنة الصحافة. ويشدّد إعلاميون وقانونيون على ضرورة أن تتحلّى وسائل الإعلام بالحدّ الأدنى من الموضوعية والحياد وأخلاقيات المهنة خلال تغطيتها للحراك السياسي الذي تشهده الجزائر عشية الانتخابات الرئاسية. وإذا كان غياب إطار قانوني واضح للسمعي البصري مبرّرا جاهزا لحالة (الانفلات الإعلامي) الملحوظة في بعض القنوات الفضائية، فإن عدم اهتمام أصحاب تلك القنوات، وبعض العاملين فيها، بأخلاقيات الإعلام وأبجدياته يبدو السبب الأبرز وراء (فلتانها) إلى درجة تحوّل بعض القنوات إلى مجرّد (خلية إعلام) تابعة لمرشّح معيّن، حيث لا تتوانى في المرافعة له والتهجّم على غيره بشكل سافر، ويظهر مقدّمو ومنشّطو بعض هذه القنوات في صورة سياسيين ومناضلين يدافعون بشراسة عن توجّه معيّن ويتهجّمون بشكل صريح مناف لأخلاقيات الإعلام على مترشّح أو أكثر للانتخابات الرئاسية.