لاقت المسلسلات الدينية المجسدة لقصص حياة عدد من الرسل والأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، إقبالا كبيرا من طرف الجزائريين بمختلف أعمارهم وشرائحهم لاجتماعية، وكذا مستوياتهم الثقافية والعلمية، ومن الجنسين كذلك، وقد بدأت حمى متابعة مسلسلات الانبايء بمسلسل يوسف الصديق الإيراني الإنتاج والتمثيل والإخراج، الذي شهد نسبة مشاهدة فاقت كل التوقعات خلال شهر رمضان الفارط، رغم انه كان قد عرض قبل ذلك، إلا أن الكثيرين أعادوا مشاهدته، كما سنحت الفرصة لغيرهم لمشاهدته من جديد، خاصة بعد الضجة الإعلامية الكبيرة التي أثارها، وكذا الفتاوى والأحكام الشرعية التي صدرت من جهات كثيرة، تحرم مشاهدته تارة، وترفع الإثم عن من شاهده تارة أخرى، وضاع الناس ما بين تحليل مشاهدته وتحرميها، بيد أن كل ذلك زاد من شعبية المسلسل ومن إقبالهم على مشاهدته، حتى من طرف الذين ابدوا مواقف متشددة اتجاه ذلك، بحكم أن كل ممنوع مرغوب مثلما يقال. وبعد مسلسل يوسف الصديق، انتبه الكثير من الجزائريين إلى وجود مسلسلات أخرى كثيرة أنتجها الإيرانيون في هذا المجال، منها مسلسل سيدنا عيسى عليه السلام، ومسلسل والدته البتول مريم العذراء، وحاليا مسلسل سيدنا إبراهيم الخليل، الذي يعرض نهاية كل أسبوع على القناة التونسية نسمة تي في، ويعرف نسبة مشاهدة عالية، كما من المتوقع أن يقوم الايرانيون بتقديم مسلسل آخر عن قصة حياة سيدنا سيلمان عليه السلام، وعدد من الرسل والأنبياء كذلك، ويدرك الكثير من الجزائريين المتابعين لهذه المسلسلات، أنهم يعتقدون بحرمة تجسيد وجوه الأنبياء والرسل، ولكن الفضول من جهة، والضجة الإعلامية من جهة أخرى، بالإضافة إلى جمالية العمل وروعته الفنية في حد ذاته، والإخراج الراقي والممتاز، جعلت العديد منهم غير قادر على مقاومة الرغبة الملحة في مشاهدته ومتابعة أحداثه، خاصة وان هذه الأخيرة مستمدة ومستوحاة من القصص القرآني. تقول إحدى المشاهدات التي تابعت أحداث مسلسل يوسف الصديق ومن بعده مسلسل إبراهيم الخليل عليهما السلام، أن المسلسلين سمحا لها بمعرفة العديد من جوانب حياة هذين النبيين العظيمين، بالإضافة إلى مجموعة من الأحداث الأخرى خلال تلك الفترة الزمنية، فهذه المسلسلات حسبها ساعدت الكثيرين على معرفة حياة الأنبياء ومعرفة ما كانوا غير مدركين له، لاسيما بالنسبة لمحدودي المستوى الدراسي و لثقافة الدينية، أما سيدة أخرى فقالت أن ما يهمها في الأمر هو معرفة الأحداث والحياة التي عاشها الأنبياء والمعاناة الكبيرة والابتلاءات العظيمة التي تحملوها في سبيل نصرة رسالة الله عز وجل وتبليغها، واستلهام الصبر والرضا بقضاء الله، منهم، ومع ذلك فإنها تدرك تماما انه لا يجوز تجسيد الأنبياء والرسل، ولذلك فإنها تعلم تماما أن من قاموا بالدور هم مجرد ممثلين فقط لا غير، وان الأنبياء أعلى من ذلك شانا وأجل قدرا، فيما تبقى الجهة المخولة بإصدار الحكم الشرعي في ذلك هم العلماء ورجال الفتوى وليس الأشخاص البسطاء. في حين قال مواطن آخر في الأربعينيات من العمر، انه كان يشاهد مسلسل يوسف الصديق في البادية ولكنه لما سمع أمام المسجد بالحي الذي يقطن فيه يدعو إلى عدم مشاهدته وحرمتها فإنه امتنع عن ذلك، وحاول جاهدا منع زوجته وأطفاله من مشاهدته إلا انه لم يتمكن من ذلك. من جهة أخرى ساهم الإقبال الكبير للجزائريين على مشاهدة هذه النوعية من المسلسلات الدينية تحديدا إلى رواج تجارة الأقراص المضغوطة الشرعية والمقرصنة الخاصة بهذه المسلسلات عبر المحلات المتخصصة في بيع أشرطة الكاسيت والفيديو، وعبر الطاولات كذلك، كما يبحث الكثيرون حاليا عن جميع المسلسلات الإيرانية التي أنتجت في هذا المجال لأجل متابعتها، وتعرض النسخ ما بين 300 و500 دج ويقتينها الكثيرون حاليا على خلاف بقية المسلسلات والأفلام الأخرى العربية أو الأجنبية. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة قالت أن تمثيل الصحابة أو أحد منهم محرّم، لما فيه من الامتهان لهم والاستخفاف بهم وتعريضهم للنيل منهم وانتقادهم، وإن ظن فيه مصلحة فما يؤدي إليه من المفاسد أرجح، وما كانت مفسدته أرجح فهو ممنوع، وقد صدر قرار من مجلس هيئة كبار العلماء في منع ذلك.