يحبذ العديد من سائقي سيارات الأجرة تبادل أطراف الحديث مع الزبائن، وبما أن يوم الصيام طويل وشاق تصبح (القصرة) هواية لهم، وهو حال أحد سائقي السيارات الأجرة الذي أقلنا من ساحة أول ماي إلى غاية بولوغين، هذا الأخير ولتمضية الوقت خصوصا أن الظاهر عليه أن رمضان نال منه، أصبح يحاول أن يلهي نفسه بالحديث مع الراكبات معه، وأول ما قام به التحدث مع سيدة رفقة ابنتها وحاول بكل الطرق استنطاق الأم من خلال سؤالها هل تتقن البنت طبخ الشربة أم لا، ثم سكت برهة وسألها مرة أخرى والمطلوع تتقنه أم لا، وأعاد الكرة وفلان هل تعده لك، أم أنها تنام طوال اليوم أم تستيقظ باكرا، سكت برهة ثم التفت إلينا وقال وأنت يا سيدتي هل أعددت وجبة فطورك قبل الخروج من البيت أم أنك أجلتها إلى وقت الدخول، لم يكتف بهذا فحسب بل راح يحدث النسوة عن إتقانه إعداد طبق شطيطحة الدجاج التي لا تعده أمهر طباخة في البلاد مثله، والراكبات يسمعن ويتبسمن بين الفينة والأخرى، سكت برهة ثم تكلم مرة أخرى، بدأ يتحدث عن غلاء الأسعار في السوق، وعن سعر الأنشوى (السردين الصغير المملح) الذي فاق 1000 دج، التفت يمينا وشمالا ليأخذ بعدها قرارا مصيريا وقال أتعلمن شيئا سأقلكن حيث طلبتن مني، ثم أعود أدراجي إلى سوق باب الوادي وسأقوم بصرف كل غلة اليوم على الأكل الموت آتٍ لا محالة، وأول ما سأشتريه قارورة عصير كبيرة من سعة 2 لتر وسأفطر عليها، ثم ضحك وقال (انتظرني يا باب الواد راني جاي) فعلا يفعل رمضان بالجزائريين ما يفعل.