❊ إسقاط طائرة درون بالحدود الجنوبية يعكس احترافية الجيش ❊ المناورات الليلية بالذخيرة الحيّة تثبت يقظة وفعالية قواتنا المسلحة ❊ "تتعدى الحدود ينهي الوجود" ردّ على كل من يفكّر في المساس بالجزائر ❊ جاهزية الجيش واحترافيته في مواجهة الأخطار للعدو والصديق المحتملة ❊ الخبير ميزاب: الجزائر نفذت عملية نوعية باحترافية عالية ووجّهت رسالة ردع لم يكن إسقاط وحدات الدفاع الجوي عن الإقليم بالناحية العسكرية السادسة بالقرب من مدينة تين زاوتين الحدودية لطائرة درون مسلّحة بعد خرقها المجال الجوي، مجرد استعراض للقدرة الدفاعية للجيش الوطني الشعبي، بل عملية تؤكد اليقظة والجاهزية التامة من أجل تحصين البلاد من التهديدات التي تتربص بها، فضلا عن أنها تبرز ثمار احترافية المؤسّسة العسكرية وقدراتها الميدانية التي تعزّزت لبناتها عبر مناورات تتميز بالمستوى العالي. في هذا الصدد أكد الخبير في الشؤون الأمنية الدكتور أحمد ميزاب في اتصال مع "المساء"، أن الحادثة لها دلالات واضحة ورسائل مباشرة منها رسائل سيادية، مفادها أن السيادة الجوية للجزائر خط أحمر، مضيفا أنه على الرغم من أن هذه الطائرة غير مأهولة إلا أن الرد جاء حاسما وميداني.ا وأشار ميزاب إلى أن هذه العملية النوعية تؤكد أن الجزائر تراقب كل شبر من مجالها الجوي، وأن ردها ليس مشروطًا وإنما مبني على القواعد المعمول بها، كما أن العملية تعكس فاعلية منظومة الرصد والإنذار المبكر بالإضافة للتأكيد على جاهزية وحدات الدفاع الجوي للعمل في بيئة صحراوية وظروف ميدانية حقيقية، إلى جانب تطبيق مباشر لسيناريوهات مناورات "الذخيرة الحيّة" التي يجريها الجيش على الحدود، ما يعني أن التدريب لم يبق نظريا، بل أصبح سلوكا عملياتيا فعّالا. وبعد أن أوضح بأن إسقاط الدرون يمثل أيضا رسالة ردع موجّهة للفاعلين غير النظاميين والإقليميين، وصف محدثنا هذا الفعل بالسيادي ويبعث برسالة ضمنية مفادها أن كل من يفكر في اختبار جاهزية الجزائر سيخسر الأداة قبل حتى أن يُسأل عن هويته لأن الجزائر تشتغل وفق القواعد والمعايير المعمول بها. كما أكد أن الحادثة تعكس مبدأ ثابتا في العقيدة الدفاعية الجزائرية والتي مفادها أن الجزائر لا تعتدي، لكنها تتصدى لكل محاولات المساس بسيادتها، وهو جوهر التوازن بين الانضباط العسكري والحزم السيادي، حيث لا يُسمح بأي تهديد دون ردّ مناسب ومدروس. وأشار ميزاب إلى أنه لا يمكن فصل الحدث عن سياقه الإقليمي، من منطلق أن الجنوب الجزائري محاذ لمنطقة تعرف هشاشة أمنية مزمنة، مضيفا أن الجزائر تتعامل مع هذا المحيط بتأهب دائم، دون تصعيد، لكن بجهوزية كاملة. وختم بالقول إن هذه العملية ليست مجرد تدخل عسكري محدود، بل تعبير ميداني عن نضج المؤسّسة العسكرية وفاعلية منظومة الدفاع الجوي، وانسجام الأداء العملياتي مع المبادئ الكبرى للدولة الجزائرية في حماية أمنها القومي. ويمكن القول إن حادثة إسقاط الطائرة درون على الحدود الجنوبية بعد اختراقها المجال الجوي لمسافة 2 كيلومتر، عزّزت صحة الرؤية الاستشرافية للجزائر التي تعتمد على النهج الاستباقي في التصدي للتهديدات على مستوى الحدود والتي تشهد اضطرابات قد تلقي بظلالها على أمن دول المنطقة الأخرى، حيث أبرز النشاط النوعي للجيش الوطني الشعبي احترافية المؤسّسة العسكرية التي تعتمد برنامجا مكثفا لمجابهة جميع أنواع التهديدات التقليدية وغير التقليدية. وكان الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة قد أكد في عديد المناسبات، على أن تطوير قدرات القوات المسلحة هي الغاية الأساسية المنشودة، بهدف تمكين مستخدمي الجيش من أداء مهماتهم الدستورية في حماية الحدود بكل حزم وصرامة. ويعكس هذا التأكيد التزام المؤسّسة بتمكين الجزائر من أداء دورها كقوة إقليمية، يضمن لها التفوّق الاستراتيجي في المنطقة، حيث اعتمدت خيار الإصلاح تماشيا مع الأوضاع الجديدة التي كشفت عن اختفاء التهديدات الكلاسيكية وبروز أشكال جديدة من التهديدات مثل الإرهاب الجريمة المنظمة والمخدرات وهي كلها تهديدات تحتاج إلى إعادة تحديد جديد لمفهوم الأمن. وعليه عكفت الجزائر على إدخال مفاهيم جديدة لتعزيز الشق التكنولوجي داخل الجيش، من خلال استعمال الوسائل العصرية المواكبة للنقلة التكنولوجية التي يعرفها هذا المجال في العالم، موازاة مع تعزيز دور الفرد الذي يتبوأ المكانة المركزية، تجسيدا لقناعة أنه "لا ثورة إلا ثورة الرجال" . فالمتغيرات الإقليمية التي تعرفها المنطقة خاصة في ظل تعدّد الأجندات الأجنبية في الساحل، يبرر للجزائر مساعيها من أجل تحديث جيشها ورصد أي تهديد قد ينغّص أمنها وفق عقيدة عسكرية دفاعية محضة، حيث سبق لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن أكد بأن الجزائر التي ما زالت قلعة للسلم والأمان، لم تكن منذ استقلالها مصدر تهديد أو اعتداء على أحد، غير أنها لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام أي اعتداء قد يطالها. وعلى هذا الأساس لابد من الإشارة إلى أن استهداف طائرة الدرون لم يتم إلا بعد التأكد من دخولها المجال الجوي الوطني بكيلومترين، ما يمنح للجزائر حقّ إسقاطها والردّ بحزم على كل جسم معاد يدخل مجالها الجوي أو البري أو البحري.