في واحدة من أبشع صور الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي عرفها العصر الحديث، تئن محافظة رفح، الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، تحت وطأة كارثة إنسانية شاملة ودمار هائل طال كل مناحي الحياة بفعل الإبادة الجماعية والشاملة التي يشنّها الاحتلال الصهيوني الهمجي الذي لم يرحم بشرا ولا حجرا. أكدت سلطات غزة، أمس، أن الاحتلال الصهيوني حول محافظة رفح إلى "منطقة عمليات عسكرية مغلقة" عازلا إياها تماما عن باقي محافظات قطاع غزة ومعتبرا بأنها منطقة حمراء كاملة وماضيا في ارتكاب مجازر مروعة بحق المدنيين العزل. بما تسبّب في تدمير ممنهج وشامل للبنية التحتية والمرافق الحيوية والمنازل السكنية جعل المدينة غير صالحة للحياة. وحذّرت من أن رفح المعزولة تماما لم تُقصف فقط، بل تم تدميرها ومحوها بشكل منهجي، في مشهد يعكس نية الاحتلال المبيتة لإفراغ الأرض من أهلها وتغيير معالمها الجغرافية والديموغرافية، مؤكدة أن هذه الجرائم لن تمر دون حساب وأن صمود أهل محافظة رفح وباقي أبناء الشعب الفلسطيني، سيظل شاهدا حيا على أن إرادة الحياة أقوى من آلة الموت. وذكرت بأنه ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بتاريخ 19 جانفي الماضي، فإن آلة الدمار والتقتيل الصهيونية لم تتوقف ولا تزال تسفك دماء الأبرياء، حيث سجّلت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد العشرات خلال الأيام الماضية جميعهم من المدنيين الذين حاولوا العودة لتفقد أطلال منازلهم. وحسب الإحصائيات التي قدمها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن محافظة رفح التي تبلغ مساحتها 60 كلم مربع ويسكنها قرابة 300 ألف نسمة وتمثل نحو 16% من مساحة قطاع غزة، تعكس حجم مأساة مهولة... فالمستشفيات فجرها الاحتلال والشوارع مجرّفة والمباني مدمّرة والمساجد والأسواق والميادين العامة أُبيدت بالكامل. وقد أعلن عن رئيس بلدية رفح، أحمد الصوفي، المدينة "منطقة منكوبة" في ظل ما تعرّضت له من تهجير قسري ودمار شامل لم تسلم منه لا المنازل ولا البشر. ودمر الاحتلال أكثر من 90% من منازل المحافظة بشكل كامل، أي ما يزيد عن 20 ألف بناية تحتوي على أكثر من 50 ألف وحدة سكنية، إضافة إلى تدمير 22 بئر مياه من أصل 24 بئر من بينها "بئر كندا" الرئيسي ومضخات التوزيع، مما حرم عشرات آلاف العائلات من المياه الصالحة للشرب. وتعرّضت المحافظة إلى تدمير طال أكثر من 85% من شبكات الصرف الصحي بهدف تخريبها، بما حوّلها إلى بيئة موبوءة قابلة لتفشي الأوبئة والأمراض، إضافة إلى تدمير وتجريف 320 كلم طولي من الشوارع بشكل كامل. كما خرج 12 مركزا طبيا عن الخدمة بشكل كامل، أبرزها مستشفى "الشهيد أبو يوسف النجار" الذي قام الاحتلال بتفجيره من خلال روبوت متفجر وكذلك تدمير مستشفى الولادة والمستشفى الإندونيسي وكذلك تدمير 8 مدارس ومؤسّسات تعليمية بشكل كامل وأضرار جسيمة لحقت بما تبقى من مدارس ومؤسّسات تعليمية. ودمّر الاحتلال أكثر من 100 مسجد بشكل كامل أو بليغ غير صالح للعبادة وتجريف عشرات آلاف الدونمات الزراعية وإبادة كاملة للأشجار والدفيئات الزراعية وتدمير 30 مقرا من أصل 36 في المحافظة، بما فيها المقر الرئيسي لبلدية رفح.وعلى الحدود مع مصر قام الاحتلال بتدمير منطقة بطول 12 ألف متر وبعمق من 500 إلى 900 متر، أدت إلى محو 90% من الأحياء السكنية خاصة في أحياء السلام والبرازيل والجنينة ومخيم رفح. وعمق إغلاق معبر كرم أبو سالم لأكثر من شهر متواصل الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق، مع منع وصول الوقود اللازم لتشغيل ما تبقى من مضخات المياه، علاوة عن منع دخول قطع الغيار الضرورية لإصلاح ما دمره العدوان، ما ضاعف من معاناة الشعب الفلسطيني الذين يعيشون في ظروف مأساوية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. وعلى إثر هذا الوضع الكارثي غير مسبوق، وجه المكتب الاعلامي نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي وهيئات الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية كافة، لتحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية. كما طالب بالعمل الفوري على الضغط على جيش الاحتلال للانسحاب من محافظة رفح لتمكين عودة الأهالي لما تبقى من أطلال منازل وتوفير ممرات آمنة لإغاثة أهالي محافظة رفح المحاصرين والذين يهدّدهم الاحتلال بالقنص والقتل والإبادة وإرسال بعثات لتقصي الحقائق حول جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال في محافظة رفح والبدء الفوري بجهود الإعمار وإعادة الحياة إلى هذه المحافظة المنكوبة ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق المدنيين العزل. رفضا للإبادة الجماعية مظاهرات حاشدة أمام البيت الأبيض شارك آلاف النشطاء الأمريكيين وأبناء الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية من معظم الولايات، أول أمس، في مظاهرة أمام البيت الأبيض في العاصمة الأمريكيةواشنطن رفضا للحرب الإجرامية التي يشنها الاحتلال الصهيوني على الفلسطينيين بقطاع غزة واعتقال المتضامنين مع القضية الفلسطينية. أفاد نشطاء أمريكيون في تصريحات إعلامية بأن المظاهرة تأتي من أجل الضغط على إدارة الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، للجم الكيان الصهيوني المستمر في إجرامه.وعبر النشطاء خلال المظاهرة، التي تعتبر من الأضخم منذ أكتوبر 2023، عن رفضهم لاعتقال وملاحقة الطلبة الذين يدعمون الحقوق الفلسطينية في الجامعات الأمريكية. وطالبوا بضرورة إنهاء الدعم الأمريكي العسكري والمادي للاحتلال الذي يساهم في مواصلة الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وكصورة تعبيرية عن الجرائم التي ارتكبت في القطاع، وضع النشطاء أحذية أطفال في الشوارع المؤدية إلى البيت الأبيض تمثل جزءا من قصص آلاف الأطفال الذين استشهدوا في غزة خلال هذا العدوان، ورفعوا لافتة ضخمة تحمل أسماء الشهداء. وشهدت مدن أمريكية أخرى مسيرات مناهضة للعدوان الصهيوني المتصاعد على قطاع غزة ضمن فعاليات "يوم التحرك العالمي" للمطالبة بإنهاء حرب الإبادة بشكل فوري. ويرتكب الاحتلال الصهيوني منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية في القطاع الفلسطيني المحاصر، خلفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين معظمهم أطفال ونساء وأكثر من 11 ألف مفقود.