بقلم: بودرع ياسر العنوان مأخوذ من تصريح للبيت الأبيض حول ما يحدث في غزة، لكن لا تأخذكم الظنون فيخيل إليكم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد قصدت إدانة جرائم الكيان الصهيوني في حق الفلسطينيين! لأن الخبر كاملا تناول إعلانا للبيت الأبيض يزعم فيه أن حماس انتهكت اتفاق وقف إطلاق النار ويصف فيه هجوم المقاومة على جنود الكيان الصهيوني بأنه (انتهاك همجي)!! هذا الخبر يصيب الواحد منا بالدهشة والغرابة، إذ لا يعقل أن تغفل الولاياتالمتحدةالأمريكية عن كل جرائم الكيان الصهيوني على بشاعتها وتسارع في إدانة من يدافعون عن أنفسهم! يبدو أن صناع القرار الأمريكيين يعيشون خارج الواقع وبعيدا عن المنطق حتى تكون ردود أفعالهم بهذه الازدواجية المفضوحة والانحياز المطلق الذي لا يقبله عقل! (إذا عرف السبب بطل العجب) مثل ينطبق على ردود فعل أمريكا خصوصا والغرب عموما اتجاه العدوان الغاشم على غزة، فإسرائيل هي الابن غير الشرعي لأمريكا وهي تأخذ على عاتقها مسؤولية حمايتها وضمان أمنها، وكان الغرب هو أصل المشروع الصهيوني منذ القرن 19 وسبب وجود هذا الكيان المحتل في الشرق الأوسط وسط العرب ك (دولة عازلة).. لن نفهم سر العلاقة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب من جهة وإسرائيل من جهة أخرى حتى نعود إلى جذور تلك العلاقة وحقيقة نشأتها - ورغم أن هذا ليس موضوعنا- يمكن تلخيصها في وجود (تراث مسيحي يهودي) معادي للمسلمين والعرب، وهو ما أشارت إليه الكاتبة الأمريكية (غريس هاسل) في كتابها (يد الله: لماذا تضحي أمريكا بمصالحها من أجل إسرائيل؟) كما يجب الاعتراف أن الصهاينة استطاعوا نسج شبكة مصالح واسعة مع أمريكا والغرب منذ سنوات طويلة خلت على عكس العرب الذين فشلوا في ذلك حتى الآن رغم ما يحوزون عليه من مال ونفط.. الفرق واضح بين المقاومة وجيش الكيان الصهيوني فالمقاومة تدافع عن الفلسطينيين وتستهدف جنود العدو المحتل وصواريخها ما هي إلا رد على اعتداء سافر، بخلاف الصهاينة الذين وضعوا (قتل الأطفال والنساء) هدفا أولا وأساسيا لهم وعنوانا أبرزا لعدوانهم غير المبرر، والأرقام الخاصة بالشهداء لا تكذب وتأتي لتؤكد ذلك وتفند كل مزاعم سلطة الكيان المحتل الذي حاول عبثا أن يسوق لمبررات واهية، إن صور المجازر الجماعية بحي الشجاعية مطبوعة في الأذهان، كما أن من قصف المدرسة التابعة للأمم المتحدة وقتل بها الأطفال والمدنيين لم تكن حماس التي تعتبرها أمريكا حركة إرهابية نزولا عند رغبة الصهاينة! إنه شيء مثير للسخرية أن يكون الإرهاب هو ما تعتبره أمريكا وإسرائيل كذلك!! لا يمكن وصف ما يقوم به الكيان الصهيوني في حق الفلسطينيين من قتل واحتلال واستيطان سوى ب الإرهاب، وينطبق الوصف على كل من برر تلك الجرائم ضد الإنسانية والتي يعاقب عليها القانون الدولي كما تفعل الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تنحاز بشكل كامل للمحتل الإسرائيلي، ورغم ذلك تحاول الآن عبر دبلوماسيتها لعب دور (الوسيط الشريف) بين المقاومة والصهاينة للخروج بتسوية أو بعبارة أصح إيجاد مخرج لإسرائيل ما يجعل أمريكا تلعب دور الخصم والحكم في آن واحد! وهي بالتأكيد لن تهتم أبدا بتحقيق مطالب الفلسطينيين بقدر بحثها عن مصالح إسرائيل في أي مبادرة تطرحها. أنا متأكد أن أوباما وكيري أو هولاند أو كامرون والبقية من أصدقاء الصهيونية لن يبكوا على ضحايا غزة وأطفالها، ولن يعترفوا أن المقاومة تدافع عن شعب محتل ومظلوم ضد احتلال إسرائيلي همجي، لكن الذي يحز في نفوسنا كعرب هو الموقف العربي الرسمي المتخاذل والمخزي والذي كان يمكن أن يساعد الفلسطينيين لو كان أكثر جرأة وشجاعة وأكثر مسؤولية، حتى يشكل نوعا من الضغط على الأم (أمريكا) التي تستطيع أن تضغط بدورها على ابنها اللقيط (إسرائيل) ويتم إلزامها بوقف الاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين وغزة والتوقف عن سياسة الحصار والعزل الذي مارسته على القطاع وأوصله إلى كارثة إنسانية قبل أن تحوّله إلى مقبرة جماعية!