المغرب: لوبيات الفساد تحكم قبضتها على مفاصل الدولة    تجارة: انطلاق ورشات العمل تحضيرا للقاء الوطني لإطارات القطاع    الجيش الصحراوي يستهدف مقرا لقيادة جيش الاحتلال المغربي بقطاع المحبس    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية.. سايحي يستقبل ببرايا من قبل رئيس جمهورية الرأس الأخضر    مجلس الأمن الدولي: الدبلوماسية الجزائرية تنجح في حماية الأصول الليبية المجمدة    الجزائر تدعو روسيا وأوكرانيا إلى وضع حدٍ للحرب    منصوري تشارك بجوبا في أشغال اجتماع اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي حول جنوب السودان    البيض.. هلاك شخص تسمما بغاز أحادي أكسيد الكربون    تيبازة..عملية صيانة هامة بمنشأة غرفة التحكم في تدفق الماء الشروب بالدواودة    تقلبات جوية: عدة طرق مقطوعة بوسط وشرق البلاد    اقرار تدابير جبائية للصناعة السينماتوغرافية في الجزائر    نشرية جوية خاصة: قيادة الدرك الوطني تدعو المواطنين إلى الحذر واحترام قواعد السلامة المرورية    رابطة أبطال إفريقيا: مولودية الجزائر على بعد نقطة من ربع النهائي و شباب بلوزداد من أجل الخروج المشرف    أمطار غزيرة متوقعة عبر عدة ولايات بوسط وشرق البلاد بداية من مساء اليوم الجمعة    أولاد جلال : المجاهد عمر ترفاس المدعو عامر في ذمة الله    قافلة تكوينية للفرص الاستثمارية والمقاولاتية لفائدة شباب ولايات جنوب الوطن    العدوان الصهيوني: تكلفة إعادة الإعمار في غزة تفوق ال120 مليار دولار    الأمم المتحدة: حشد الإمدادات الإنسانية لتوسيع نطاق المساعدات في غزة    قانون المالية 2025 يخصص تدابير جبائية لفائدة الصناعة السينماتوغرافية    تنصيب لجنة محلية لإحصاء المنتوج الوطني في ولاية إن قزام    الطارف… انطلاق أشغال اليوم الدراسي حول منصة "تكوين" الرقمية (فيدو)    قطر… سعادة السفير صالح عطية يشارك رمزيًا في ماراثون الدوحة 2025 العالمي    سفير بريطانيا: سنلبي رغبة الجزائريين في تعزيز استخدام الإنجليزية في التعليم    بلعريبي… وزارة السكن تطلق حملة لمكافحة التغييرات العشوائية في السكنات    الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج وبرد شديد في المناطق الشمالية اليوم الجمعة    وزير العدل يشرف على تخرج الدفعة ال27 من الطلبة القضاة في القليعة    طاقة: ربط أكثر من 70 ألف محيط فلاحي بالشبكة الكهربائية عبر التراب الوطني    الجزائر والسنغال تعملان على تعزيز العلاقات الثنائية    زيارة وزيرة التضامن الوطني إلى الطارف: تعزيز مشاريع التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة الريفية ودعم الفئات الهشة    الاتحاد الوطني للصحفيين والإعلاميين الجزائريين يدين خرق الشرعية الدولية ويدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره"    كرة اليد/مونديال-2025/ المجموعة 2 -الجولة 2 : انهزام المنتخب الجزائري أمام إيطاليا (23-32)    مجازر جديدة في غزّة    مقرمان يترأس مناصفة مع نظيره السلوفيني الدورة ال3 للمشاورات الجزائرية_السلوفينية    تجريم الاستعمار الفرنسي محور ندوة تاريخية    المجلس الشعبي الوطني يطلق مسابقة لأحسن الاعمال المدرسية حول موضوع "الجزائر والقضايا العادلة"    معرض ومؤتمر الحج الرابع بالسعودية: الجزائر تتوج بالمرتبة الأولى لجائزة تكريم الجهود الإعلامية    الجزائر-السعودية: التوقيع على اتفاقية الرعاية الصحية لفائدة الحجاج الجزائريين    التخلي عن النزعة الاستعمارية الجديدة أساس للعلاقات مع الجزائر    فرنسا تتخبط في وضع اقتصادي ومالي خطير    بلمهدي يزور المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء بالبقاع المقدّسة    مدرب الاتحاد السعودي يدافع عن حسام عوار    بوزوق يلتحق بكتيبة اللاعبين الجزائريين في السعودية    عناية رئيس الجمهورية بالمواهب الشابة محفِّز لصنع الأبطال    وهران تعد عدتها لاستقبال شهر رمضان    فكر وفنون وعرفان بمن سبقوا، وحضور قارٌّ لغزة    جائزة لجنة التحكيم ل''فرانز فانون" زحزاح    تراثنا البحري يحتاج لبحث أكثر    مصادرة 1555 قارورة خمر بمسكيانة    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    بلمهدي يوقع على اتفاقية الحج    بلمهدي يزور بالبقاع المقدسة المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء الذين أكرمهم رئيس الجمهورية برحلة لأداء مناسك العمرة    تسليط الضوء على عمق التراث الجزائري وثراء مكوناته    وزير الثقافة يُعاينُ ترميم القصور التاريخية    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    الأوزاعي.. فقيه أهل الشام    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرى "مجزرة" مرت في صمت!
نشر في أخبار اليوم يوم 21 - 09 - 2014


بقلم: شعبان عبد الرحمن
رغم أنها مازالت تقرع الآذان بصرخاتها عاماً بعد عام، وعلى مدى اثنين وثلاثين عاماً، إلا أن ذكرى تلك المجزرة مرت دون أن يتحرك لها جفن في عالمنا العربي!
لم يكلف أحد نفسه دقيقة صمت حداداً على ضحاياها.. قلوب تحجرت، وضمائر شبعت موتاً، وإنسانية باتت تلبس معاطف سميكة من الإنسانية تخفي تحتها بركاناً من الوحشية.. ضمير أنظمة ماتت، وقلوب حكومات تنبض بالعار، وإنسانية نظام دولي سقطت وتمرغت في الوحل..
وشعوب عربية لا تكاد تفيق من مجزرة حتى تسقط في أخرى، فباتت غارقة في الدماء على أيدي حكامها وبني جلدتها وتحت إشراف ومباركة نظام دولي يرفع شعار حقوق الإنسان وهو في الحقيقة يرعى عملية إبادة الإنسان!
هكذا مرت الذكرى الثانية والثلاثين لمذبحة (صبرا وشاتيلا) دون أن تظفر بكلمة من محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، فالرجل منهمك في تقديم مرافعة إعلامية - يندى لها جبين التاريخ _ يدين فيها مقاومة شعبه الباسلة مقابل تبرئة ساحة الصهاينة من المجزرة الكبرى الأخيرة في غزة!
بقايا المجزرة
هناك.. وعلى أرض (صابرا وشاتيلا) تجوّلت مرتين خلال زيارتين منفصلتين للمخيم بالضاحية الجنوبية في بيروت.. المرة الأولى في المساء حين فوجئ صديقي المحترم بطلبي زيارة مخيمي (صابرا وشاتيلا) قبل أن نذهب للعشاء، قال لي: لن تستطيع أن ترى معالم المخيم؛ لأن الأضواء فيه تكاد تكون منعدمة.. قلت له: نكتفي بالتجوال في شوارعه.. وهناك أخذ صديقي وهو أستاذ جامعي محنَّك يشرح خريطة المجزرة بكل تضاريسها، ووقف بي عند الشارع الذي قدمت منه القوات الصهيونية لتحاصر المخيم ومداخله ولتسهل لقوات الكتائب اللبنانية المجرمة ارتكاب المجزرة الكبرى.
في الزيارة الثانية، كنت ضمن وفد صحفي توجه لزيارة المخيم في صباح يوم مشمس.. فتجولت مع مرافقي طويلاً بين جنبات المخيم، واستقرت بنا الحال داخل المقبرة التي تضم تحت ترابها شهداء المجزرة..
الموت البطيء
هنا يقصد الناس ذلك المخيم ليوفروا ضرورات حياتهم بنصف السعر تقريباً.. هنا مجتمع فلسطيني أرادوا له اليأس والموت البطيء؛ فأصر سكانه على صناعة الحياة.. هكذا في كل مخيمات الشتات أرادوها لهم مقابر؛ فإذا هي تنبض بالحياة ويعيش أهلها حياة الانتصار.. هنا (غزة) وفي كل مخيم (غزة) حيث الإرادة والانتصار!.
أتجول بصعوبة في أزقة ذلك المخيم حتى أصل إلى مقبرة ضحايا (صابرا وشاتيلا) التي تقع في أحد أطرافه. لا تكاد تشعر بأن هناك مقبرة، فقد رص الباعة بضاعتهم أمام بوابتها وعند أسوارها.. كل شيء اختلط.. أحياء يصارعون الحياة ويصنعون الأمل، وبينهم أحياء عند ربهم يُرزقون، يذكِّرون الجميع بالجريمة الوحشية، ويقدحون زناد القلوب غضباً وحزناً وإصراراً على الاستعصاء على الفناء.. وذلك هو شعب فلسطين أينما حلَّ.
في فجر السادس عشر من سبتمبر 1982م، وظلامه الدامس كانت ترتيبات المجزرة قد اكتملت، وكانت بوادرها قد بدأت ظهر يوم 15/9/1982م، وانتهت مساء 18/9/1982م، بدأتها وحدات الاستطلاع من قوات جيش الاحتلال الصهيوني الغازية بقتل 63 مدنياً فلسطينياً في اليوم الأول، ولتنسحب تلك الوحدات وتسلم مهام استكمال ارتكاب المجزرة لأدوات الاحتلال من جهات لبنانية، كما قال الكاتب والصحفي الفرنسي (آلان منراغ)، مؤلف كتاب (أسرار الحرب على لبنان)، ليقتحم المخيم 350 عنصر في 16/9/1982م فيرتكبوا وعلى مدار 43 ساعة واحدة من أبشع المجازر في القرن العشرين بحق النساء والأطفال والشيوخ من المدنيين العزل، ذهب ضحيتها أربعة آلاف وخمسمائة شهيد من بين 12 جنسية، حسب شهادة الكاتب الأمريكي (رالف شونمان) أمام لجنة أوسلو في أكتوبر 1982م، و484 من الضحايا لا يزالون بحكم المخطوف أو المفقود، ولم يعد أي منهم حتى الآن حسب المؤرخة الفلسطينية د. بيان نويهض الحوت في كتابها (صابرا وشاتيلا 1982م)، وتدمير جزء كبير من المخيم.
حتى لا ننسى
الكاتب الأمريكي (نعوم تشومسكي) حمَّل أمريكا المسؤولية، فهي من (أعطت الضوء الأخضر ل(الإسرائيليين) باجتياح لبنان في العام 1982م).
نسي الجميع المجزرة أو تناسوها لكن شعب ماليزيا لم ينسها فعقد (محكمة ضمير) في 20/11/2013م بالعاصمة (كوالالمبور) حيث أثبتت على العميد (عاموس يارون) ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية بصفته القائد العام (الإسرائيلي) ذا السيطرة العسكرية على مخيمي (صابرا وشاتيلا) إبان الاحتلال الصهيوني للبنان في شهر سبتمبر من العام 1982م ، وذلك بتسهيله وعلمه بالأمر، وسماحه بارتكاب مجزرة على صعيد واسع بحق قاطني المخيمين المذكورين؛ الأمر الذي يشكل خرقاً لكل الاتفاقيات والقوانين الدولية.
وعلى الرغم من أن المحكمة كانت محكمة ضمير وحكمها لا يتمتع بأي قوة تنفيذية، فإن المحكمة قد وضعت حيثيات الحكم والمحاكمة بين يدي المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن، للاستفادة والبناء على مضامينها في ملاحقة مجرمي الحرب من الصهاينة، لكن ذلك ذهب أدراج الرياح مع دعوى قضائية في بلجيكا عام 2003م كادت تضع (شارون) في قفص الاتهام، لكنه فلت بقيام الحكومة البلجيكية بتعديل بعض قوانينها حتى لا تكون هناك ملاحقة لمرتكبي المذبحة.
ونامت القضية _ ومازالت - في الأدراج مثلما ينام ضحاياها تحت أطباق الثرى.. ولا نامت أعين الجبناء!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.