خرجت عشرات العائلات القاطنة بدوار معمر بلعيد الواقع ببلدية حجوط ولاية تيبازة الى الشارع تنديدا بالأوضاع الكارثية والتهميش الذي طالهم من طرف السلطات المعنية والولائية والتي أوصدت الأبواب في أوجههم، وعدم إدراجهم ضمن قائمة المستفيدين من الحصص السكنية التي تتحصل عليها البلدية في كل مرة. حي معمر بلعيد المتواجد على مستوى ولاية تيبازة يعد من أقدم وأكبر المواقع القصديرية، وفي جولة ميدانية قادت أخبار اليوم إلى الموقع من أجل تسليط الضوء على معاناتهم التي تجاوز عمرها ال50 سنة والتي تكبدوا خلالها مرارة العيش في ظروف كارثية لا يمكن وصفها، وما زاد من تدهور وضع هؤلاء السكان البالغ عددهم أزيد من 1000 عائلة هو الصمت المطبق والتهميش من طرف السلطات المحلية والولاية في أخذ انشغالاتهم على محمل الجد، وإيجاد حلول ناجعة تلملم جراحهم وتحتضن معاناتهم التي طال أمدها سيما المتمثلة في أزمة السكن والتي أشعلت نار الغضب والاحتجاج أوساط السكان على أوضاعهم التي أصبحت لا تطاق داخل سكنات أصبحت لا تقاوم التقلبات الجوية والظروف الطبيعية، ورغم أنها لعبت دورا هاما خلال السنوات الأخيرة بالقضاء على العديد من المواقع القصديرية، إلا أن حيهم لم يعرف أي جديد أو التفاتة بالرغم من انه من أقدم المواقع على مستوى الولاية الأمر الذي زرع الشك في ترحيلهم خلال البرامج السكنية القادمة، وما زاد من طرح العديد من التساؤلات هو عدم تحيين ملفات القاطنين، ويقول ممثل السكان مشكل السكن هو المشكل الذي أرهق سكان حي بلعيد الذين جددوا مطالبهم للسلطات المحلية بضرورة التدخل العاجل لانتشالهم من الوضعية المزرية التي آلت إليها حالهم بسبب معايشة القصدير، الطوب، التارنيت، الباربان، والخشب، المواد الرئيسية التي شيدوا بها أكواخهم التي أكل عليها الدهر وشرب. دخلنا حيهم ونحن نسير بين الأزقة الضيقة والأرضيات المهترئة والروائح الكريهة والمنبعثة جراء تسرب المياه القذرة، وكانت الساعة تشير إلى الثانية مساءا، حيث السكون سيد الموقف، ولأنها كانت الظهيرة ظننا لوهلة أن الحي لا يقطنه السكان، واصلنا سيرنا ونحن ندقق ونتفحص المكان تقربنا من السكان وكانت لنا هذه الوقفة معهم، حيث سردوا لنا معاناتهم ومعيشتهم ومأساتهم. سكنات شبيهة بالجحور أول ما تطرق له سكان بلعيد ونحن نتحدث معهم الوضعية الحيوانية التي يعيشونها، هو شكل سكناتهم أو كما وصفوها بالكهوف التي ترسم ملامحه أكواخ مشيدة من الطوب وصفائح الترنيت، حيث أخبرونا بأن حياتهم أصبحت بلا معنى داخل هذه الجحور ومعيشتهم ضنكاء نظرا للتدهور الشامل على كل الجبهات -حسبهم-. وفي هذا السياق، تقول السيدة مجاوري: إن عائلتها متكونة من 6 أفراد بينهم ثلاث مكفوفين يعيشون وضعا كارثيا لا يمكن وصفه داخل غرفة واحدة مشيدة من الطوب انهارت أجزاء من جدرانها بسبب الأمطار الأخيرة ولولا شقيقتها لقضت أيامها الشتوية في العراء رفقة عائلتها التي لا حول ولا قوة لها، وتضيف خصوصا وان رب العائلة مكفوفا وليس بيده أية حيلة ورغم طرقهم أبواب البلدية والدائرة في العديد من المرات خاصة خلال هذه الأيام، إلا أن المير وحاشيته يرفضون استقبال هذه العائلة الأكثر تضررا بين عشرات العائلات التي يجمعها مصير واحد وهو المعاناة وتقول هذه الأخيرة كيف لعائلة مكفوفة ومنكوبة لا تتلقى أية مساعدات تذكر من مصالح البلدية. فإلى أين ترفع هذه العائلة استغاثتها؟، الوضع كارثي ويتطلب تدخل السلطات المحلية في أقرب الآجال لانتشال العائلات من الوضع المزري الذي تعيشه جراء تماطل السلطات في معالجة الملفات. واصلنا تنقلنا عبر الأكواخ وسط التضاريس الوعرة لأرضية للحي والسكان ينقلون إلينا انشغالاتهم التي باتت روتينية حسبهم، وما لاحظناه أن مصالح البلدية قبل الانتخابات الرئاسية الماضية، قامت ببعض التحسينات على مستوى حي بلعيد حيث أنجزت حنفية بمفترق الطرق، وقامت بتعميم الإنارة بالطرقات وهو الأمر طرح عدة تساؤولات لدى السكان، وهل هذه الالتفاتة جاءت كتنبيه للقاطنين بتأخر مشروع السكن الذي وعدوهم به، ويقول السكان في هذا الصدد أنهم لا يريدون إصلاحات البريكولاج لغلق أفواهنا "لقد سئمنا المعاناة داخل سكنات لا يتحمل العيش داخلها حتى الحيوانات وأن هذه المرة لا يكتم أصواتهم حتى الرصاص وسينتفضون بقوة إذا لم يتم ترحيلهم خلال الحصص السكنية المقبلة، وأضافوا بركات معاناة دامت عقود.. ويضف محدثونا ألسنا جزائريين ومواطنين من حقنا العيش بكرامة، لو يعيش المسؤولون وضعيتنا لعرفوا معنى ما نناشدهم به لأننا سئمنا سياسة التهميش والإهمال؟. السكان على فوهة بركان "انتظرنا بشغف البرامج السكنية التي سطرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في برنامجه الصادر بالقضاء على البيوت القصديرية، إلا أننا لازلنا لم نبرح أماكننا" عبارة رددها جميع السكان الذين أكدوا بأن وزير السكن تبون مطلوب للنظر في وضعيتهم العالقة، و بأن مساعي الرئيس حققت الكثير من الإنجازات و ستحقق المزيد بفضل المليون سكن الجديد خاصة وأن هذه المشاريع من شأنها انتشال العائلات المحرومة التي قضت عقود في القذارة والحرمان والذل وختم أحد المواطنين بذات الموقع حديثه معنا قائلا: إنه بالرغم من الوضعية القاسية والصعبة التي يعشونها داخل بيوت الصفيح ورفضنا الخروج الى الشارع لكن للصبر حدود، ولقد سئمنا من حياة البؤس والهوان نتقاسم المكان مع مختلف الحيوانات على غرار الجرذان والثعابين والروائح الكريهة التي تسد الأنفاس بسبب غياب قنوات الصرف الصحي والمياه، وفي الأخير ختم ممثل السكان ل أخبار اليوم "نحن بالنسبة للمسؤولين لسنا ببشر وليس لنا الحق في الحياة كباقي الجزائريين كيف لا وعمر بقاؤنا في هذا الموقع نصف قرن كاملة.