تطرّق المحلّل السياسي والباحث في التاريخ الدكتور عامر رخيلة إلى واقع الصحافة الجزائرية إبّان الثورة التحريريه ودورها في تنوير الرأي العام حول المعارك التي خاضها المجاهدون ضد المستعمر، مؤكّدا أن جبهة التحرير الوطني أعطت الأولوية للإعلام لقناعتها بأنه سلاّح فتّاك لمواجهة فرنسا. كشف عامر رخيلة خلال استضافته في (فوروم المجاهد) بالتنسيق مع (مشعل الشهيد)، أين تمّ استضافة وزير الإعلام في الحكومة المؤقّتة أن الصحافة الجزائرية عرفت النّور قبل ثورة الفاتح نوفمبر، حيث كانت تعكس رؤى التيارات السياسية السائدة على غرار جمعية العلماء قبل أن يقوم المستعمر بمنع حركة الصحافة، إلاّ أن القرار لم يؤثّر على مسار الصحافة، خاصّة في ظلّ جبهة التحرير الوطني التي كانت على دراية تامّة بأهمّية الإعلام الذي كان قناعة راسخة في ذهن المناضلين وبمثابة السلاح لمواجهة الاستعمار. وأكّد المحلّل السياسي أن الصحافة المكتوبة إبّان الثورة كانت على شكل منشورات موزّعة في المناطق العسكرية الخمس كانت تدوّن باللّغة العربية والفرنسية وكانت عبارات عن مقالات تنقل واقع المعارك بين جيش التحرير والجيش الفرنسي ونتائجها دون تزيفف عكس الإعلام الفرنسي الذي كان دوما يروّج لواقع مزيّف تماما. ومن بين المنشورات التي كانت شائعة في تلك الحقبة الزمنية (صدى الثورة) و(النمامشة)، وكانت تركّز على نقل حصيلة القتلى في الجيش الفرنسي وخسائرهم المادية التي كان يلحقها به الثوّار والمجاهدون وعدد الشهداء التي سقطوا دفاعا عن حرّية الجزائر، كما كانت تضمّ أخبارا عن أصداء الثورة الجزائرية في فرنسا والعالم. لم ينف رخيلة محدودية هذه المنشورات، وهو ما دفع جبهة التحرير الوطني إلى تكليف مناضلين لتمريرها من شخص إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى وكانت بمثابة اللّسان الإعلامي لمخاطبة من في الداخل والخارج كانت ولاية الأوراس أوّل من أصدرت نشرة صحفية في سنة 1955 اسمها (الوطن) تصدر باللّغة الفرنسية تتضمّن أخبار الولاية وردود بعض دعايات الصحف الغربية وبعض الأخبار العالمية، ثمّ أصدرت الولاية الثالثة نشرة اسمها ( الجيل). الولاية الرابعة أصدرت نشرة اسمها (حرب العصابات)، وكان يتمّ تبادل الأنباء بين الولايات عن طريق اللاّ سلكي، كان عددها حوالي خمسة عشر نشرة صحفية نصف شهر، لتأتي بعدها مرحلة البثّ الإذاعي الذي كان له أثر وصدى قوي مقارنة بما كانت تمارسه السلطات الاستعمارية، هنا جاءت فكرة إنشاء إذاعة وطنية لمواجهة الدعايات الفرنسية ووسائل الإعلام الفرنسية التي كانت تزوّر الوقائع وتضلّل العالم الداخلي والخارجي عبر وسائل الإعلام الفرنسية، فانطلق صوت الجزائر عبر المجاهد عبد الحفيظ بوصوف سنة 1956 وكان ذلك صدمة للعدو وفرحة للشعب الجزائري لأن هذا الأخير كان بداية لكسر الهيمنة الاستعمارية، الإذاعة آنذاك كانت متنقّلة (شاحنة متنقّلة) متكوّنة من جهاز إرسال جهاز تسجيل الصوت جهاز مزج الموسيقى بالصوت وكانت تذيع باللّغة العربية والأمازيغية ابتداء من التاسعة ليلا. وفي مرحلة الحكومة المؤقّتة دخل الإعلام مرحلة جديدة ومتميّزة ووجب توسيع شبكة الإعلام فتمّ تنصيب مكاتب إعلامية بالدول التي اعترفت بالحكومة المؤقّتة، فالبداية كانت بالبلدان العربية ثمّ عدد من بلدان أوروبا وإفريقيا، فضلا عن العمل السياسي. أمّا فيما يخص المجال السمعي فلم يعرف أيّ تطوّر خلال الثورة لأن التغطية كانت محدودة جدّا إلاّ أن ذلك لم يمنع من تخصيص قسم للتسجيل السينمائي.