فارس مسدور ل أخبار اليوم : الانضمام إلى OMC خيانة عظمى جهيد يونسي: ضعف الطرف الجزائري يفشل الشراكات مع الدول والمنظمات تعلّق الحكومة الجزائرية آمالا كبيرة على إتمام مفاوضات الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة قبل نهاية سنة 2017، حسب ما صرّح به وزير القطاع التجاري عمارة بن يونس في وقت سابق، آمال تشبه إلى حدّ كبير تلك التي علّقوها على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي قبل أن (يصعقوا) بفشلها باعتراف نفس الوزير، هذا الواقع ساق (أخبار اليوم) إلى جسّ نبض الخبراء والفاعلين، وهذا ما اتّفقت عليه مجمل ردود أفعالهم. جاءت ردود أفعال الخبراء الاقتصاديين والسياسيين عقب التصريحات الخطيرة التي اعترف فيها بن يونس بفشل خطّة الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في مجملها محذّرة، حيث طالب هؤلاء بضرورة انسحاب الجزائر من مفاوضات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية فورا حتى لا يتكبّد الاقتصاد الوطني خسائر تتعدّى تلك التي تكبّدها خلال الشراكة مع الأوروبيين، خصوصا في ظلّ السياسات الملتوية للمنظمة التي دمّرت اقتصاديات دول كانت إلى وقت قريب مستقرّة. وكان وزير التجارة عمارة بن يونس قد انتقد اتّفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي لأن الأخير (فشل في تحقيق الأهداف المسطّرة والمتعلّقة أساسا بترقية الصادرات الجزائرية خارج المحروقات وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة). وتأسّف بن يونس في حوار خصّ به مجلّة برلمان الاتحاد الأوروبي (ذي برلمنت مغازين) أوّل أمس أنه بعد قرابة 10 سنوات من دخول اتّفاق الشراكة حيّز التنفيذ بين الجزائر والاتحاد الأوروبي (لم يأت بالنتيجة المتوقّعة والمرتبطة بترقية الصادرات الجزائرية خارج المحروقات وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي تشكّل في حدّ ذاتها الأهداف التحفيزية في عقد مثل هذه الاتّفاقيات). وأورد الوزير أرقاما تخصّ مؤشّرات الاقتصاد الجزائري وتتحدّث عن قيمة واردات جزائرية من الاتحاد الأوروبي بلغت في 2013 نحو 5ر28 مليار دولار مقابل ما قيمته 7ر42 مليار دولار من صادرات طغت عليها عائدات المحروقات، فيما لم تتعدّ قيمة الصادرات خارج المحروقات مبلغ 5ر1 مليار دولار العام 2013 مقابل 552 مليون دولار العام 2005. وفي محاولة منه لتفسير سبب الإخفاق لفت عمارة بن يونس إلى عوامل قال إنها تقف حائلا أمام تحقيق اتّفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي كلّ أهدافه، ويتحدّث عن عوامل داخلية وأخرى خارجية ويقول: (بالرغم من أن العوامل الداخلية مرتبطة بالعرض إلاّ أننا نعتبر أن هناك عوامل خارجية غير مشجّعة وفي بعض الأحيان تكبح صادراتنا). مسدور ل أخبار اليوم : الانضمام إلى OMC خيانة عظمى أكّد الخبير في الاقتصاد الإسلامي فارس مسدور في تصريح ل (أخبار اليوم) أن اتّفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي شكّلت أكبر عملية نصب على الجزائر، حيث لم تأت بأيّ شيء إيجابي لتنمية الاقتصاد الوطني، في المقابل حقّق الطرف الثاني ممثّلا في فرنسا وإسبانيا على وجه الخصوص نتائج مربحة ساهمت في حماية اقتصادياته من الانهيار في عز الأزمة العالمية. ويرى مسدور أن الاتّفاقية كانت غير عادلة وتجسّد ذلك في أن الجانب الاقتصادي لم يأخذ نصيبه من الاهتمام الذي أخذته الجوانب الأمنية والثقافية، وبالتالي باء بالفشل وأثقلت الخسائر المالية كاهل الاقتصاد الوطني من وراء هذه الشراكة التي تمتّع بأرباحها طرف واحد ألا وهو الأوروبيون. وفيما يخص مستقبل الجزائر في حال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية رسم الخبير الاقتصادي واقعا سوداويا، حيث اعتبره (خيانة عظمى للاقتصاد الوطني)، مضيفا في ذات الصدد أن ربط مصير الجزائر بهذه المنظمات الدولية بمثابة الانتحار اقتصادي من منطلق أن قواعدها مسخّرة لخدمة الاقتصاديات الرأسمالية القوية عبر (إغراق) أسواق الدول الفقيرة أو النامية على غرار الجزائر بالمنتجات المستوردة، حيث أن تكلفتها ستكون 10 مرّات أغلى من إنتاجها محلّيا، والجزائر غير مستعدّة حاليا وحتى على المدى المتوسّط لتفادي سلبيات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية نظرا لهشاشة اقتصادية وضعف أو انعدام تنافسية مؤسساتها. بالمقابل، يضيف مسدور أن الدخول إلى منظمة التجارة العالمية يفرض على الجزائر الاِلتزام بالبنود الواردة كشرط للدخول إلى التبادل الحرّ بصرف النظر عن الآليات والتكاليف التي يفرضها التعامل مع المنظمة التي يوجد مقرّها في جنيف، والتي لا يمكن للدول الفقيرة تحمّلها. و في السياق طاب محدّثنا الحكومة بالإسراع في سحب ملف انضمامها إلى هذه المنظمة الغارقة في الصراعات الداخلية بين الدول الكبرى مثل أمريكا والصين، والتي أدّت إلى إغراق اقتصاديات الدول النامية التي تملك العضوية فيها. جهيد يونسي ل أخبار اليوم : ضعف الطرف الجزائري وراء الفشل يرى رئيس حركة الإصلاح الوطني جهيد يونسي الذي اِلتقى مؤخّرا بوفد من الاتحاد الأوروبي، أن سبب فشل الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تعود أساسا إلى كون الطرف الجزائر دائما هو الأضعف في المعادلة الاقتصادية نظرا لهشاشة الاقتصاد الوطني الذي يعتمد أساسا على الريع البترولي، الأمر الذي يجعل من انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية مجازفة لا يحمد عقباها. وقال يونسي في تصريح ل (أخبار اليوم) إن السلطة لا يمكنها بأيّ حال من الأحوال الدخول في صفقة مربحة مع طرف قوي كالاتحاد الأوروبي أو OMC، لأن اقتصادنا غير مهيّأ ومؤسساتنا ليست في مستوى التنافسية مع المؤسسات الأخرى، وبالتالي سيكون مصير أيّ مجازفة من هذا النوع الفشل الذريع الذي يغرق الاقتصاد الوطني أكثر ممّا هو عليه الآن، لأنها حينها ستخضع لكلّ الإملاءات، ونحن نعرف أن الذي يحكم الآن هو الاقتصاد وليس السياسة، وإذا تمّ التركيع الاقتصادي فإن السيادة السياسية لن يكون لها معنى، وأنا متشائم من هذا الموضوع لأن الجزائر ليست في أحسن أحوالها). بالمقابل، لا يتوقّع زعيم الحزب الإسلامي سحب الجزائر لملف انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية نظرا لإصرار السلطة على هذا الخيار من جهة ورضوخها لضغوطات الغرب من جهة ثانية، (وهو ما يجعل الاقتصاد الوطني ومن ورائه المواطن الجزائري ضحية لقلّة بصيرة حكومته)، على حدّ تعبير محدّثنا. أزمات.. ضغوط وتجارب سابقة تعزّز فرضية الفشل.. فلِمَ الإصرار؟ من جهة أخرى، تمارس (OMC) عدّة ضغوط على الحكومة الجزائرية، حيث تفرض شروطا قد لا تتناسب مع الخطّ الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للجزائر، حسب العديد من المختصّين في الشأن الاقتصادي، على غرار التراجع عن قاعدة 51/49 السيادية والتحفّظ حيال إبقاء الجزائر للقرض الاستهلاكي خصّيصا للسلع الوطنية، ولعلّ أخطرها رفع الحصار عن المنتجات غير الإسلامية والتطبيع الاقتصادي مع الكيان الصهيوني. وممّا يعزّز فرضية فشل انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة على غرار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي هي التجارب السابقة لبعض الدول النامية مثل مصر التي دمّرت اقتصادها فور الانضمام وقضت تماما على مؤسساتها الصغيرة والمتوسّطة باعتراف خبراء عالميين. من جهة أخرى، تعيش المنظمة العالمية للتجارة أخطر أزمة منذ تأسيسها، حيث حذّر المدير العام لمنظمة التجارة العالمية مؤخّرا من أن المنظمة مشلولة بسبب تعطيل الهند اتّفاقا تاريخيا تمّ التوصّل إليه في بالي في ديسمبر 2013. وفي ديسمبر الماضي اتّفقت الدول الأعضاء ال 160 في منظمة التجارة العالمية بما فيها الهند في إندونيسيا على نصّ يهدف إلى تعديل وتبسيط قواعد التجارة الدولية، خاصّة ما يتعلّق منها بالإجراءات الجمركية، وقد تمّ التفاوض بشأن هذا (الاتّفاق حول تسهيل المبادلات) خلال ما يقرب من عشر سنوات قبل أن تتفاهم الدول الأعضاء على نصّ نهائي. لكن تعطّل كلّ شيء في 31 جويلية الماضي عندما رفضت الهند التوقيع على البروتوكول الذي تمّ التوصّل إليه في بالي، وهي مرحلة ضرورية لبدء فترة المصادقة عليه من قِبل الدول الأعضاء.