الجزائر نفّذت منذ الاستقلال 33 حكما بالإعدام لمّح رئيس اللّجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها فاروق قسنطيني أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة إلى أن الجزائر قد تتوجّه نحو الإلغاء (التدريجي) لحكم الإعدام في الجزائر، معترفا في المقابل بوجود (محاذير وموانع شرعية) تحول دون ذلك، لكن يبدو أن الرجل يثق في أن بلادنا لن تشذ عن (قاعدة الخروج عن شرع اللّه)، وهي قاعدة يتمّ الدفاع عنها والعمل على تكريسها باسم حقوق الإنسان. قال قسنطيني في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية على هامش الملتقى حول التخلّي عن عقوبة الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن (موقف الجزائر المبدئي يتمثّل في التخلّي عن الحكم بالإعدام، لكن لا يمكن التوصّل إلى ذلك إلاّ بصفة تدريجية)، معتبرا أنه يجب العمل من أجل حصر حكم الإعدام في حالات القتل العمدي. وقال السيّد قسنطيني ردّا عن سؤال حول غياب رجال الدين خلال هذا الملتقى إن باب الحوار مفتوح، وأضاف يقول: (إننا نحترم كافّة الحساسيات والآراء، هناك من هم مبدئيا ضد الحكم بالإعدام وهناك من يؤيّدونه، الأمر الذي يقتضي فتح حوار حول هذه المسألة). وفيما يخص الطلب الموجّه من قِبل بعض مؤسسات المجتمع المدني لتطبيق الحكم بالإعدام ضد مرتكبي أعمال العنف ضد الأطفال اعتبر السيّد قسنطيني أن (المشرّع هو الوحيد المؤهّل للحسم في هذه المسألة). وأقرّ قسنطيني بأن معارضة إلغاء عقوبة الإعدام تستند أوّلا إلى المبرّر الديني، حيث صرّح خلال افتتاح أشغال الملتقى حول التخلّي عن عقوبة الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بأن (هناك اليوم معارضة شديدة لإلغاء عقوبة الإعدام، حيث تستند أوّلا إلى المبرّر الديني، لكن هناك كذلك إرثا اجتماعيا وإيديولوجيا وعرفيا وهو ما لا يمكن إنكاره). واعتبر السيد قسنطيني أن تضاعف أعمال العنف والجريمة ضد الأطفال خلال السنوات الأخيرة زادت من حدّة معارضة الإلغاء. ويرى رئيس الهيئة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان أن المضي قدما بالمجتمعات بخصوص هذه المسألة مرهون بتكثيف (الحديث والنقاش في ظلّ احترام قناعات الجميع)، وقال في هذا السياق: (يجب أن نحمل قيمنا وتاريخنا وثقافاتنا، وكذا فكّرنا الإنساني دون كبرياء وبقناعة واحترام)، وذكر أن الجزائر نفّذت منذ الاستقلال 33 حكما بالإعدام (لم يكن من بينهم لا امرأة ولا قاصرا)، وأضاف أنه بالرجوع إلى القانون المعمول به في هذا المجال توجد 17 جريمة يمكن تطبيق حكم الإعدام عليها، مذكّرا بأن الجزائر دخلت مسار تقليص تنفيذ حكم الإعدام بموجب مذكّرة 1993 المتعلّقة بإلغاء حكم الإعدام، وقال في سياق متّصل إن هذا القرار اتّخذ (في وقت كانت فيه الجزائر تعيش أحلك فترات تاريخها وتعاني العزلة بسبب الإرهاب الهمجي الأعمى). كما ذكر السيّد قسنطيني أن (رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كان قد أكّد أمام البرلمان الأوروبي ببروكسل سنة 2003 تأييده شخصيا لإلغاء الحكم بالإعدام، لكنه كان ينتظر زوال سياق الإرهاب لتطبيقها)، واعتبر أنه (حتى وإن كانت المهلة تقدّما في حدّ ذاتها إلاّ أنها تهدف إلى تليين بعض القضاة الذين يصدرون بسهولة أحكاما بالإعدام، علما بأن المحكوم عليه لن ينفذ فيه الحكم). كما ذكر السيّد قسنطيني أن دعوة الجمعية العامّة للأمم المتّحدة في 20 ديسمبر 2012 إلى مهلة حول الحكم بالإعدام قصد إلغائها في العالم حظيت بمصادقة 111 دولة، وهي نسبة (لم يسبق بلوغها).