تجاوزات خطيرة أسفرت عن حوادث مميتة أضحت الدراجات النارية ديكورا يوميا في الشوارع والطرقات الجزائرية، حيث يغامر أصحابها بقيادتها مستعرضين قدراتهم ومهاراتهم دون أدنى مبالاة بالمواطنين وبأصحاب المركبات الذين يشاركونهم الطريق، وبالرغم من أن الجزائر تحتل المرتبة 4 عالميا في حوادث المرور منها 10 بالمائة سببها سائقي الدراجات النارية بما يعادل 100 حادث في اليوم، غير أن أصحابها مازالوا يغامرون بقيادة مركباتهم بتهور وسط الطريق السريع. حسيبة موزاوي لطالما كان حلم سياقة الدراجات النارية ذكوريا بإمتياز لكن ضريبة الإختلاط والتمدن أفرزت ظاهرة جديدة باتت اكبر شوارع العاصمة وطرقاتها تعيشها اليوم وما عادت السيارة وحدها فرصة للتباهي ولفت الإنتباه فالدراجات النارية بمختلف ماركاتها هي الأكثر موضة عند الشباب، فتيات في أبهى حللهن يركبن وراء شبابا في مقتبل العمر يمرون أمامك في لمح البصر وهم يركبن دراجات نارية من مختلف الماركات للتباهي أمام الغير، وقد أكد لنا الكثير من الشباب ممن يعرفون ويحفظون الكثير من الماركات الخاصة بالدراجات النارية أنها باتت من وسائل التباهي عند أولاد بعض العائلات وأن طرق تباهي هذه العائلات بثروتها قد تغيرت على أيامنا فلم تعد السيارات الفخمة المميزة للمستوى الاجتماعي لصاحبها هي كذلك ولكن ربما في سن معين لكن المراهقين والشباب يفضلون التباهي بماركة عالمية لدراجة نارية وللتعبير عن الحرية الشخصية عن طريق ذلك خاصة اذا كانت كبيرة وفخمة، حتى أن الكثير من الاولياء باتوا يقدمونها لأولادهم كهدايا في مناسبات أعياد الميلاد أو النجاح في الدراسة، وهناك من يتأثر بها ويشغف بسياقتها فيذهب لكرائها المهم أن يتجول بها وحتى يكون محط الأنظار يختار ونيسة لجولته النارية. سباقات ماراطونية انتشار الدراجات النارية أصبح يثير الذعر في نفوس المواطنين حتى باتت تسمى بالموت السهل، و أصبحت وسيلة استعراض للعضلات في الشوارع، ولكنها أيضا وسيلة للموت، فكل من يحصل على تلك الدراجات النارية يكون معرضا لحوادث قد تؤدي إلى إزهاق العديد من الأرواح، والدلائل على ذلك كثيرة، فلا يكاد يمر يوم حتى نسمع عن كارثة جديدة ومأساة تسببت فيها الكثير من الدراجات النارية أو بالأحرى أصحابها. وليس من الغريب أن يعرف الجميع بأن تلك الدراجات النارية التي تسير في شوارع دون ضوابط أو دون التزام من راكبيها أنها قامت بالعديد من التجاوزات التي أسفرت عن ضحايا من الأطفال والنساء وكبار السن، لن نتطرق إلى قصص أخرى نتيجة تعدد القصص المريعة والتي تعد بالعشرات والتي تعبر كل منها عن مأساة حقيقية، فهناك من خسر أبناءه وهناك من خسر معيل أسرته وهناك من خسر أمه، غير ان هناك من وجد لها مبررا واعتبر أن الأيام كفيلة بإزالتها وهناك من عارضها ورفض أن تصبح جزءا من يومياتنا، ظاهرة دخيلة على مجتمعنا تقول السيدة سمية أنها سبق وأن شاهدت مراهقات خلف شباب على دراجات نارية يطيرون على حد تعبيرها وعبرت عن جام سخطها عن مثل هذه المظاهر المشينة فلا عاداتنا ولا تقاليدنا تجيز بكل هذه التصرفات، مضيفة أنها ترى مثل هذه السلوكات تعبيرا عن رفضهم لمجتمعهم الذين يعيشون فيه، أما السيد جمال فكان له رأي مخالف وقال أنها لا تعدو أن تكون موضة جديدة سرعان ما يتجاوزها الزمن، صحيح أن السرعة التي يقود بها الشباب جنونية ولكن إلزامية التقيد بشروط سياقة مثل هذه الوسائل من شأنها أن تحد من التهور في السياقة والحد من الظاهرة ككل، فمجتمعنا لا زال محافظا ولا يسمح بتجاوز الكثير من الحدود الإجتماعية المتعارف عليها، فلا زالت قيادة الدراجات النارية تعتبر مظهرا من مظاهر التمرد فالمجتمع الجزائري بإختلاف طبقاته لا زال محافظا ولا يمكن أن نقيس عليه ظواهر جديدة وحالات شاذة. الدراجات تتسبب في 10 بالمائة من الحوادث المميتة وفي هذا الإطار حمل السيد امين صاحب مدرسة تعليم السياقة المسؤولية لوزارة النقل وذلك بسماحها لهم بالتقدم كمترشحين أحرار لنيل رخصة السياقة، مشيرا إلى أن 95 بالمائة من حملة رخصة قيادة الدراجات النارية لا يخضعون للتعليم في المدارس الخاصة والبالغ عددها 7 مدارس على المستوى الوطني، فهم خريجو قيادة الدراجات النارية في الشارع ويتعلمونها من زملائهم وأصدقائهم ثم يودعون ملفاتهم ليتقدموا لامتحان رخصة السياقة كمرشحين أحرار، وهو ما يبرر جهلهم بكيفية التعامل مع الدراجات النارية، ومخالفتهم للتعليمات أهمها ارتداء الخوذة الكاسك أثناء القيادة، وهو أهم عنصر وقائي يحمي السائق، واردف محدثنا بأن أصحاب الدراجات النارية وبسبب قلة وعيهم وانضباطهم في الطرقات وقيامهم باستعراضات ومناورات خطيرة باتوا يتسببون في وقوع 10 بالمائة من حوادث المرور، وهو مؤشر خطير يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من تنامي الظاهرة، موضحا أنه بات من الضروري على وزارة النقل إلغاء المرشحين الأحرار في مختلف شهادات ورخص السياقة بجميع فئاتها وأنواعها حتى يتم القضاء على حوادث المرور مع إخضاع المرشح للتكوين والتعليم داخل المدارس الخاصة. إن ظاهرة انتشار الدراجات النارية أخذت أبعادا خطيرة، في ظل غياب الوعي القانوني والأخلاقي الذي يساهم في الحد منها، ولذا فإن أفضل حل يتم إتباعه هو منع الدراجات النارية التي لا تستوفي شروط السلامة ومنع المهترئة منها مع إعادة النظر في الرخص التي يتم منحها لمستعملي الدراجات النارية.