الإسلام دين اليسر؛ ومن ثَمَّ أراد لأتباعه أن يُؤَدُّوا ما فرض الله عليهم من عبادات بأيسر طريقة ممكنة، وأفضل ألوان التيسير هو الالتزام بسُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ففيها الخير كلُّه، وكان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أنه كان يُصَلِّي في نعله؛ أي في حذائه، ولم يكن يتكلَّف أن يلبس نعلاً خاصًّا للصلاة، إنما كان يُصَلِّي في نعله الذي يمشي به في الطرقات؛ وذلك بشرط ألا يكون قد تعلَّق به قذر أو وسخ؛ علمًا بأن المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن مفروشًا بالسجاد، إنما كانت أرضه الرمل والحصى، وقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَتَهُ، قَالَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا -أَوْ قَالَ: أَذًى . وَقَالَ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ: فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا . ولم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدف من الصلاة في النعال هو التيسير فقط؛ إنما قصد أيضًا مخالفة اليهود؛ فقد روى أبو داود -وقال الألباني: صحيح- عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ، وَلاَ خِفَافِهِمْ . وإذا كنا نصلي اليوم في مساجدنا حفاة أو بالجورب لوجود السجاد والحصير فيه، فإنه يمكن أن نُطَبِّق هذه السُّنَّة عند صلاتنا في الطرق، أو المتنزهات العامة، أو الأسواق؛ حيث يُصَلِّي الناس على الأرض دون سجاجيد، ولا نتكلَّف خلع النعل خارج المسجد.