الزلازل ترعب البعض وتلغي احتفالاتهم لم يبق على حلول السنة الميلادية الجديدة إلا ساعات معدودات، حتى نرى المجتمع الجزائري يغرق في دوامة التقليد الغربي، حيث تجلت مظاهره في العديد من محلات وأزقة العاصمة، التي عرفت خلال هذه الأيام حركة نشيطة سادتها كل رموز الأعراف المسيحية، وكأن الاحتفال بالسنة الميلادية أصبح عيدا شأنه شأن الأعياد الدينية، متناسين بذلك قيم ومبادئ الإسلام، وبات البعض يزحفون خلف استثمار أجنبي يقوم بزرع ثقافته داخل مجتمعنا الإسلامي. حسيبة موزاوي المتجول بأحياء العاصمة يلاحظ رموز المسيحية المحتلة لشوارعنا، غير أن ما يلفت الانتباه هو هستيريا وحمى أعياد الميلاد التي أصابت المجتمع الجزائري المسلم، حيث اعتبر البعض أنفسهم غير مستثنين من هذا الاحتفال العالمي الكبير، ودعوا نفسهم إلى الاحتفال دون أية دعوة رسمية من أصحاب الاحتفال الأصليين، فحال البعض شبيه بحال الجاهل الذي يحشر أنفه في وليمة لا علاقة له بها، يرتاد على محلات بيع قوالب الحلوى (لابيش) بأشكالها وأنواعها، واختيار الهدايا باهظة الثمن، ولم يصل الأمر إلى هذا الحد بل تطور إلى إرسال دعوات بين الأهل والأقارب للتجمع على مأدبة العشاء على شرف (بابا نوال) متخلين عن أصولهم وأعرافهم الدينية. بين مؤيد ومعارض... يعتبر عيد ميلاد المسيح، عيدا يحتفل به بعض الجزائريين كل حسب طريقته، حيث يقومون باقتناء مختلف أنواع الشكولاطة والألعاب لأطفالهم، لكن من باب الترفيه فقط، الأمر الذي أكده السيد أمين أب لأربعة أطفال، يقول وليد أنا شخصيا أحتفل بعيد ميلاد المسيح عيسى عليه السلام، لكن دون أن أصدق معتقدات المسيحيين، فنحن مسلمون نؤمن بالله عز وجل، إلا أنه ومن باب الترفيه نقوم بالاحتفال، حيث تقوم الزوجة بطهي أكل لذيذ ونقوم بدعوة العائلة، إذ نجتمع كلنا حول مائدة العشاء ونتبادل أطراف الحديث وسط جو عائلي رائع لكن هذا لا يمنعنا من مزاولة شعائرنا وفرائضنا الدينية على غرار الصلاة وغيرها، أما عزيز فقال في هذا اليوم يقوم أطفال العائلة بمسح أحذيتهم جيدا وتنظيفها حتى تصبح تلمع وذلك قبل الخلود إلى النوم ويتم وضعها خلف الباب وذلك من أجل أن يتحصلوا على الشكولاطة في الصباح وهدية من طرف بابا نوال وتكون الهدية أفضل كلما كان الحذاء أنظف ظنا منهم أن بابا نوال سيأتي في الليل ويقدم لهم الهدايا، وعادة ما يلعب كبير الأسرة أو العائلة دور بابا نوال. من جهة أخرى، استنكر بعض الجزائريين الاحتفال بعيد المسيح، حيث أرجعت السيدة مليكة ثقافة الاحتفال بهذه المناسبة إلى الثقافة الفرنسية التي ما تزال منتشرة في مجتمعنا، إذ أن أغلبية الجزائريين محتكون بالثقافة الفرنسية، خاصة بالنسبة لآبائنا الذين عاشوا مع الفرنسيين لمدة طويلة، أما ريان فاعتبر أن الأنترنيت والفضائيات تلعب دورا هاما في نشر الثقافة الغربية، والذي اعتبرها ثقافة دخيلة على مجتمعنا المسلم، مؤكدا في ذات السياق أنه لدينا عيدان وهما عيد الأضحى وعيد الفطر. مناصرون للاحتفال يعلنون توبتهم بسبب الزلازل في وقت تتزين فيه المحلات التجارية بمختلف أنواع الزينة، خاصة بالنسبة لمحلات بيع الحلويات والشكولاطة وكذا الهدايا من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من الزبائن، تشهد هذه المحلات إقبالا محتشما من طرف الجزائريين مقارنة بالسنوات الأخيرة، وأرجع بعض التجار سبب ذلك إلى الهزات الأرضية التي تضرب باستمرار في الجزائر، خاصة بعد الهزة الأخيرة، إذ كشف أحد التجار بالعاصمة أن تراجع الإقبال كان بعد الهزة الأخيرة التي ضربت منطقة الشبلي بالبليدة، إلا أنهم يأملون أن يرتفع الإقبال في الأيام القليلة التي تسبق ليلة رأس السنة، فبعض التجار أصبح لا يهمهم إلا الربح ولو على حساب المساس بالمعتقدات الدينية للمسلمين. التراز يتحوّل إلى عادة غربية بفعل الفاعلين وتشهد طاولات بيع التراز وهي عبارة عن حلويات مختلطة بالمكسرات ومختلف أنواع الشكولاطة إقبالا منقطع النظير، حيث تتوافد عليها العائلات الجزائرية منذ منتصف شهر ديسمبر، إذ يتم بيعه بالكيلوغرام وكذا بالميزان، الأمر الذي جعل العائلات تختار التوجه إليه، إذ أنه عادة عند الجزائريين أولا، كما أنه يمكن للمواطن البسيط اقتناءه إذ يتم بيعه حسب رغبة الزبون بالغرامات حسب مقدور كل شخص. كما تعتبر كعكة رأس السنة عند بعض الجزائريين عادة لا يمكن الاستغناء عنها، إذ يقوم بعض الجزائريين بتقديم طلبات مسبقة لدى محلات صنع الحلويات من أجل تجهيزها في الموعد، كما يتوجه البعض الآخر إلى مختلف المحلات لاقتنائها، فيما يفضل البعض الآخر اختيار المحلات الشيك باعتبار أصحابها يتفننون في صناعتها. الهروب من الروتين تبرير لدى البعض أشارت السيدة (ف.زهرة) أستاذة في علم النفس الاجتماعي، إلى أن ظاهرة احتفال الجزائريين بأعياد الغرب، والحرص على اقتفاء أثرهم في كل أشكال التحضير ومعايشة المناسبة بتفاصيلها، خاصة أن هذه المظاهر تشاهد عبر الأفلام، الحصص، البرامج والمسلسلات العربية التركية والغربية، التي تسيل لعاب من يشاهدها وهي بشكلها الجمالي المزين بمختلف الأشكال والألوان الباعثة على الأمل والحياة كما يعتقد البعض، وحسب رأيها فإن أسباب اكتساح الظاهرة للمجتمع الجزائري لا تقتصر على سبب واحد وإنما مجموعة من المخلفات والتراكمات الاجتماعية والنفسية للفرد الجزائري. مضيفة أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها الجزائري، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية والتعب النفسي المترتب عنها، يجعله يبحث دائما عن فسحة للفرح والبهجة، ولأن الغرب يعرفون تقنيات الترويج لأفكارهم، ممارساتهم وطقوسهم الدينية، عبر مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، كان من السهل للجزائري أن يقع فريسة لهذه الإغراءات، وهذا ليس تقصيرا منه تجاه الدين وأصالته، وإنما ناتج عن الفراغ والروتين الذي يعيشه في المجتمع، وما يحويه من مشاكل وظواهر أثقلت كاهله، مشيرة إلى أن العائلة الجزائرية اليوم أصبحت أغلبيتها مشتتة ونادرة الاجتماع على مائدة واحدة، بعد أن كانت تعرف بالوحدة والالتقاء دون مناسبات كل مساء، فلم يكن هناك مجال للملل أو الوحدة في قلوب العائلات الجزائرية، لكن اليوم والعديد قد تخلى عن روح الاحتفال بالأعياد الوطنية والدينية على غرار المولد النبوي، إحياء العام الهجري، ويناير، التي يقتصر فيها الاحتفال على مائدة الطعام دون أية مظاهر أخرى، حتى أن منهم من لا يحضر حتى المأدبة، أو هناك من يرى الأعياد هذه قليلة مقارنة بالأيام التي لا يتزاورون فيها فيما بينهم، فيتمسكون بأية حجة للالتقاء، وحتى أن هناك من يجدها فرصة للسهر مع الأصدقاء خارج المنزل أو مع العائلة، في حين قد لا تسمح الفرصة في أعياد أخرى للاستمتاع بالأضواء والألعاب النارية وغيرها. جرائم وحوادث مميتة كخاتمة لليلة المجون وكثيرا ما تفلت زمام الأمور وتخرج الاحتفالات بهذه المناسبة عن الإطار الأمني نظرا لارتفاع حالات السكر والنزاعات التي تقوم في أغلب الأحيان بين الشباب بسبب الفتيات أو الاكتظاظ في الطرقات إذا علمنا أن العاصمة تغلق ليلا بالنظر للعدد الكبير للسيارات التي تخرج للاحتفال في الشوارع وما يصاحبها من فوضى وأغاني وهتافات وحتى اعتداءات على المحتفلين من طرف بعض الشبان المناهضين للاحتفالات، دون أن ننسى نشاط اللصوص وترصدهم للسكارى من أجل الانقضاض على جيوبهم. كل تلك الأحداث أوجبت تسطير خطة أمنية لحماية المواطنين. وفيما يخص حماية السياح الأجانب شملت الإجراءات الأمنية الخاصة بتأمين احتفالات أعياد رأس السنة الميلادية بولايات الجنوب هذا العام، تجنيد وحدات متخصصة من قوات الدرك الوطني لمراقبة المناطق التي تمت برمجتها من قبل الوكالات السياحية للسياح الأجانب، وتوفير قوات أخرى لحراسة أفواج السياح الأجانب أثناء تنقلاتهم عبر أقاليم مدن الجنوب، كما تم تسخير قوات من الأمن الوطني لمراقبة المناطق السياحية داخل المدن، خاصة في مناطق تيميمون بأدرار وحظيرة تاسيلي أهفار بتمنراست، ومتنزه تاسيلي ناجر بإليزي، وهي المناطق الأكثر اكتظاظا بالسياح الأجانب الزائرين لمواقع الكتابات والرسومات الصخرية التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ. عيد مسيحي بعيد عن المسلمين؟ تتهيأ الشوارع والمحلات والطاولات وللأسف لعيد يبعد عنا بعد السماء عن الأرض، ولم يكن إلا نتيجة للتقليد الأعمى للغربيين الذين يبينون رفضهم لمشاركة بعض المسلمين أعيادهم بل ويضيقون الخناق على المهاجرين في إحيائهم للمناسبات الدينية، ولم تعد تقتصر مظاهر الاحتفال بأعياد السنة الميلادية في حضور الحلويات والشكولاطة ومجسمات (بابا نوال) الذي يأخذ شكل ألعاب الأطفال، بل تعدتها إلى اصطفاف العشرات من شجرات السابان، وهو منعرج خطير اتخذه إشراك المسيحيين أعيادهم في بلاد المسلمين مما يوجب التوعية والإرشاد في هذا الشأن لعدم غرس تلك الثقافات والاحتفالات في عقول الأطفال والأجيال القادمة. نسيمة خباجة مع تزامن المولد النبوي الشريف مع نهاية السنة الميلادية مواطنون يفضلون الاحتفال بالمولد النبوي ويبتعدون عن عيد المسيح تفصل في هذه السنة ليلة واحدة عن الاحتفال بعيد المسيح والاحتفال بمولد خير الآنام وكأن الله سبحانه وتعالى جعل حكمة من ذلك لتذكير الغافلين على أهمية إحياء المناسبات الدينية والافتخار بها والابتعاد عن تقليد الغربيين في أعيادهم البعيدة عن الإسلام، لكن نرى أن البعض يتجهون وبفعل العادة إلى الاحتفال بأعياد المسيح على الرغم من تعدد المناسبات الدينية في المجتمعات الإسلامية إلا أننا نجد (ميل ظاهر) إلى الاحتفالات الغربية وعلى رأسها الاحتفال برأس السنة الميلادية. فالمار بالأزقة والشوارع عبر العاصمة وضواحيها في هذه الأيام التي تفصلنا فيها فترة قصيرة عن السنة الجديدة، تقابله تلك المقتنيات التي عادة ما يستعملها الغربيون في احتفالاتهم بعيد ميلاد المسيح واصطدمنا بها في هذه الأيام على واجهات بعض المحلات ببعض المقاطعات العاصمية التي شاع عنها أنها مقاطعات راقية، ويتجاوب أنصار الاحتفال بتلك الأجواء التي تؤدي إلى خلط في الأعراف، فالاحتفاء هو تقليد غربي محض والجديد في هذه السنة أنه تزامن مع مولد خير الأنام، بحيث كان من الأجدر الانشغال بتلك المناسبة المهمة والتذكير بسيرة رسولنا الكريم وتربية النشء عليها لا غرس تلك الأفكار الغربية في عقولهم. مناسبة المولد أولى بالاهتمام ارتأينا النزول إلى الشارع ورصد الأجواء عن قرب لاسيما مع اقتران حدثين مناسبة المولد النبوي الشريف وانتهاء السنة الميلادية فوجدنا الطاولات قد لبست حلتين جزء منها اختص في بيع مقتنيات المولد النبوي الشريف حسب عادات المجتمع الجزائري، فيما اختار أصحاب بعض الطاولات التفاعل مع أنصار الاحتفال بعيد المسيح والربح من ورائهم بعرض أنواع الشكولاطة والهدايا ومجسم (باباهم نوال)، انتهزنا الفرصة واقتربنا من بعض المواطنين لرصد آرائهم حول اقتران المناسبتين معا. السيدة ريمة موظفة قالت إنها بالفعل لاحظت اصطفاف الطاولات التي تشجع على الاحتفال بأعياد المسيح، في حين تنتظرنا مناسبة غالية على كل القلوب هي الأولى بالاحتفال بها ألا وهي مناسبة مولد رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. وأضافت أنها تشجع أبناءها على الاحتفال بالأعياد الدينية وتبتعد عن أعياد الغربيين، فأعرافهم وعاداتهم وديانتهم لا تخصنا نحن كمسلمين ومن الواجب الابتعاد عن الاحتفال بعيد المسيح فهم لا يشاركوننا احتفالاتنا فلما نحن نسعى دوما إلى تقليدهم والسير على خطاهم؟ وختمت بالقول أنها لا تحتفل بنهاية السنة الميلادية وتفضل الاحتفال بالمناسبة الدينية العظيمة التي أتت بنور محمد عليه الصلاة والسلام إلى البشرية، كما أن ديننا مفعم بالمناسبات الدينية التي تنزل الغبطة والفرح على قلوب المسلمين فلما نهب إلى تقليد الغربيين في احتفالاتهم. أما سيد آخر فقال إن السبب يعود إلى نقص الوازع الديني فكان على المساجد أن تخصص خطبها في الأونة الأخيرة على النهي على الاحتفال لما فيه من تشبه بالنصارى، كما من شأنه أن يزرع الثقافة الغربية في أجيال الغد وعلى الكل مناهضته وتشجيع الاحتفاء بالمناسبات الدينية لاسيما في هذه السنة، وكان اقتران وتزامن المناسبتين حكمة من الله سبحانه وتعالى للاحتفال بمناسبة المولد وترك تلك المنكرات التي تحدث في عيد المسيح خصوصا وأنه تفصل ليلة واحدة على الحدثين معا. وعليه فعلى الكل التشبت بقيمنا الإسلامية والتوقف عن مجاراة العادات الغربية التي غزت العقول وللأسف، ويكون ذلك بتقوية الوازع الديني والابتعاد عن العادات الدخيلة على المسلمين. نسيمة خباجة 10 زلازل في أسبوع واحد هل ستلغي الزلازل احتفالات الريفيون ويتوب الغافلون؟ زرعت الزلازل الرعب في القلوب خلال الأسبوع الأخير وهو الأسبوع المتزامن مع مناسبة نهاية السنة الميلادية وهناك من راح إلى تفسير أن الزلازل سببها راجع إلى التحضير المكثف لاحتفالات الريفيون وانتشار الرذيلة والتخلي عن الأخلاق والحشمة وغفلة البعض عن دينهم ومعتقداتهم وتتبع الغرب، وتساءل الجميع هل سيستمر هؤلاء في غفلتهم ويحتفلون ويعلنون المجون في تلك الليلة أم ستحفظهم الزلازل الدرس والتي بلغ تعدادها 10 زلازل قاربت شدتها 5 درجات على سلم ريشتر في أسبوع واحد، وإن اأعادها البعض إلى تفسيرات علمية فإنها تحمل كذلك في طياتها غضب الله سبحانه وتعالى من تخلي البعض عن معتقداتهم الإسلامية وبعدهم عن أعرافهم المحافظة وما مناصرة الاحتفال برأس السنة الميلادية إلا دليل على ذلك، حتى أن البعض لم يعد يمتعض من تلك الظاهرة الربانية العظيمة التي تبين قدرة الله سبحانه وتعالى على كل شيء من باب التعود على الزلازل، إلا أن الله سبحانه وتعالى يعطي الفرص للعبد من أجل التوبة ومراجعة النفس والامتعاظ والعودة إلى سواء السبيل وهي فرصة للجميع للعودة إلى ربهم والتوبة من تلك الأفعال التي لا تخدم العباد.