تسبّب تضييق الجالية الجزائرية في باريس على اليهود المدافعين عن جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين في زيادة الشعور بفقدان الراحة لدى اليهود في فرنسا، ما جعل الكثيرين منهم يهجرون صوب الكيان الصهيوني أو ما يسمّى بإسرائيل في هذه السنة التي توشك على الرحيل، فيما يُتوقّع نزوح موجة أكبر العام 2015. قالت دراسات حديثة تناقلتها مواقع صهيونية أمس إن الكثير من يهود فرنسا يكملون إجراءات الهجرة لأسباب تتعلّق بالنزعة المعادية للسامية، والتي تنتشر بشكل كبير بين جاليات بلدان شمال إفريقيا، خصوصا الجزائرية رغم كون الغالبية الساحقة ليهود فرنسا اليوم البالغ عددهم نصف مليون يهودي هم من نسل يهود شمال إفريقيا الذين اختاروا الانتقال إلى فرنسا مع انتهاء الاستعمار الفرنسي للمغرب، تونس والجزائر، حسب ما زعمته نفس التقارير. ومنذ بدء الاعتداءات الصهيونية على قطاع غزّة نشطت الجالية الجزائرية المتواجدة هناك على إقامة العديد من المظاهرات المندّدة بإسرائيل، كما يمكن ملاحظة العديد من الشعارات الممجّدة للمقاومة الفلسطينية على جدران العاصمة الفرنسية باريس، وهو ما فهم من قِبل اليهود الفرنسيين الذين يشجّعون السياسات الإسرائيلية بأنه غير مرحّب بهم في هذا البلد الذي يحتضن أكبر تجمّع للجزائريين خارج الوطن. وحسب الدراسة التي تناقلتها مواقع إسرائيلية وأرفقتها بصور لجزائريين يحملون العلم الوطني في احتجاجات وقعت خلال العدوان الصهيوني على غزّة بفرنسا فإن اليهود يختلطون بشكل جيّد في المجتمع والاقتصاد ومع ذلك تبرز ظاهرة معاداة السامية الجديدة في فرنسا أكثر بكثير من المعهود في دول غربية أخرى. ففي العديد من النواحي يقع يهود فرنسا بين المطرقة والسندان: من جهة هم مكروهون من قِبل اليمين المسيحي المتطرّف في فرنسا، والذي يعتبرهم جزءا من (الغرباء) الذين ينبغي كبح نشاطهم، ومن جهة أخرى من قِبل (الجاليات الأجنبية) الأخرى المكوّنة بشكل أساسي من المهاجرين المسلمين من أصول شمال إفريقية، فهم يواجهون مضايقات على خلفية الصراع الإسرائيلي-العربي. وتزيد هذه الخصائص من تشكيل الرؤى اليمينية المتطرّفة لدى أولئك الذين يقرّرون الهجرة إلى إسرائيل. وتعرف فرنسا أكبر موجة نزوح يهودي في تاريخها، حيث قرّر أزيد من 8 آلاف يهودي من حاملي الجنسية الفرنسية الرحيل عنها نهائيا منذ بدء السنة الجارية، لكن رغم ذلك تدّعي نفس الدراسة أن هناك ارتباطا قويا للدين اليهودي ولإسرائيل لدى غالبية الجالية في فرنسا، لذلك فهي تعتبر الجالية الأكثر تقليدية وصهيونية في الشتات. ومعظم الجالية اليوم من السفارديم، وفي الأساس تعود أصولها إلى الشمال الإفريقي، حيث هناك نسبة كبيرة من تلك المجموعة من أصول جزائرية وقلّة من يهود تونس والمغرب. للإشارة، أثارت الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة على الأطفال والمدنيين في فلسطين حملة غضب واسعة من طرف المسلمين وممثّلي الجاليات العربية في فرنسا، خاصّة ذوي الأصول الجزائرية، حيث ارتفعت وتيرة المظاهرات المناهضة لأفعال دولة الكيان الصهيوني بشكل غير مسبوق في فرنسا، وهو ما دفع الكثير من اليهود المدافعين عن إسرائيل إلى التضايق من الأجواء المندّدة بأفعالهم الإجرامية التي تخطّت كل الحدود.