طرح أطبّاء ومختصّون شاركوا في تنظيم أشغال الأيّام الطبّية الجراحية ال 16 التي احتضنها المركّز الاستشفائي الجامعي محمد النذير على مدار يومين كاملين، ضرورة إنشاء مركز وطني يهتمّ على وجه الخصوص بدراسة ظاهرة الانتحارات بالجزائر وأخذت منطقة القبائل كعيّنة لدراسة هذه الظاهرة التي أصبحت بدورها جانبا يمثّل تهديدا وخطرا محدقا بمجتمع أنهتكه الآفات الاجتماعية· تركّزت التدخّلات على ولاية تيزي وزو، ليس لارتفاع نسبة ضحايا الانتحارات بها وإنما لمناقشة دراسة وتقرير حديث تمّ إعداده بالولاية من طرف مختصّين قاموا بتحليل الخطوط العريضة للانتحارات في غضون سنتين من الزمن، ويتعلّق الأمر بسنوات 2007 و2008، أين سجّلت كلّ من مصالح الحماية المدنية، الشرطة والدرك الوطني ما لا يقلّ عن 132 حالة انتحار مسّت جميع الفئات العمرية والاجتماعية من الجنسين· وكشف الدكتور زيري وهو مختصّ في الأمراض العقلية ومدير المركز الاستشفائي الجامعي محمد النذير خلال عرضه لمضمون التقرير عن أرقام تدعو إلى دقّ ناقوس الخطر وذلك لتسجيل 132 حالة انتحار بين سنة 2007 و2008، سنة 2007 تمّ تسجيل 78 حالة انتحار، أي بمعدّل 6 حالات لكلّ 100 ألف نسمة، ومسّت الظاهرة أشخاصا تتراوح أعمارهم بين 40 و49 سنة، وفي هذه السنة عرف عدد ضحايا الانتحارات ارتفاعا ملفتا، خاصّة ببلدية واسيف، ذراع بن خدّة، إفرحونان والأربعاء نايث ايراثن تليها بلدية وافنون· أمّا خلال سنة 2008 فقد تمّ تسجيل 54 حالة انتحار بولاية تيزي وزو مسّت فئة تتراوح أعمارهم بين 40 و49 سنة، واحتلّت بلدية الأربعاء نايث ايراثن الصدارة وبعدها وافنون، في حين احتلّت بلدية أزفون ذيل الترتيب من حيث عدد الحالات المسجّلة على إقليمها، وتبيّن من خلال ذات الدراسة أن معظم المنتحرين وبمختلف فئاتهم ومستوياتهم يلجأون إلى الموت أو الانتحار باستعمال تقنية الشنق للتخلّص من حياتهم· وأوضحت الدراسة أن 54.5 بالمائة من المنتحرين مستواهم الاجتماعي متوسّط و24.2 يعانون من ظروف اجتماعية ومعيشية مزرية· وعن المواسم السنوية التي ترتفع فيها نسبة الانتحارات حسب مضمون الدراسة دائما فإنها ترتفع خلال شهري ماي وجانفي بالنّسبة للجنسيين، حيث سجّل خلال هذه الفترة نسبة 12.1، يليها شهر جانفي بنسبة 11.4 ويليها أفريل، إكتوبر وديسمبر بنسبة 10.6· ويفضّل الرجال الانتحار خلال شهر جانفي أمّا النّساء فيفضّلن شهر أكتوبر، إلاّ أنه وبسبب السطحية النّسبية للدراسة لم يتمّ التوصّل بعد إلى تحديد الأسباب والدوافع الحقيقية لاختيار هذه الأشهر دون سواها لتكون المحطّة الأخيرة ما قبل اختيار الموت الإرادي· كما أشارت ذات الدراسة إلى أن 71 بالمائة من المنتحرين يكونون في مرحلة العزوبية و25.2 بالمائة متزوّجون ومعظم المنتحرين يعانون من شبح البطالة الذي يأبى مبارحتهم، الأمر الذي لا يستثني عدم إقدام العاملين على الانتحار ومنهم من يحتلّون مناصب اجتماعية في قطاعات ووظائف أقلّ ما يقال عنها إنها حسّاسة، على غرار قطاع التربية· وبالاستناد دائما إلى نتائج التقرير المستقاة من دراسة الحالات المسجّلة بإقليم ولاية تيزي وزو في سنتي 2007 و2008، فإن جموع المنتحرين يفضّلون ذلك في مساكنهم أو بالقرب منها مستعينين بالحبال والأشجار وهذا بنسبة 53.1 بالمائة، أمّا ما نسبته 40.6 بالمائة فتسجّل خارج المحيط العائلي والأسري، كما أن معظم الحالات التي عرفتها الولاية كانت القرى والمناطق الريفية مسرحا لها وذلك لتوفّر العوامل المساعدة على ذلك كقلّة السكان وتوفّر الأشجار والاكواخ· من جهة أخرى، أوضحت الدراسة أن 89.1 بالمائة من المنتحرين يعانون من اضطرابات نفسية واختلالات عقلية· وبخصوص عدد محاولات الانتحار بين سنة 2007 و2008 فقد تمّ تسجيل 400 حالة بتيزي وزو و224 حالة عرفها واستقبلها مستشفى تيزي وزو و95 حالة استقبلتها مختلف المراكز الصحّية الأخرى، فيما تمّ تسجيل 81 حالة انتحار على مستوى مستشفى فرنان الحنافي للأمراض العقلية بوادي عيسى، وصبّت تدخّلات المحاضرين وبالإجماع على ضرورة تكوين لجنة وطنية للتحقيق في الظاهرة والسعى إلى مكافحتها واجتثاثها بالخروج من مرحلة التعامل معها و لدخول في مرحلة القضاء عليها بالقضاء على دوافعها وأسبابها التي تمسّ جميع الفئات، خاصّة بعدما امتدّت إلى فئة الشيوخ والأطفال في السنتين الأخيرتين 2009 و2010· وقد شملت التدخّلات انتقادات لادعة لطريقة التعامل والانتحارات رغم ارتفاعها، حيث تقتصر التدخّلات على تسجيل عدد الحالات ومعظم التحقيقات التي تفتح في القضايا تغلق بدون نتيجة إيجابية يمكن الاستناد إليها لاحقا من أجل الدراسة أو غرض آخر·