زبدي: التبذير يكبد الخزينة خسارة كبيرة تعد مادة الخبز واحدة من أهم المواد الأساسية التي لا يمكن للجزائري أن يستغني عنها في غذائه اليومي، فهو يستهلك حسب ما جاء في بعض الدراسات ما بين 700غ إلى 900غ من هذه المادة يوميا خصوصا بعد رواج ما يعرف بالخبز الفرنسي الذي يباع في المخابز، إلا أن المواطن أضحى يبذر الخبز وبشكل كبير وهو ما يتجلى بوضوح في أكياس القمامة التي ترمى يوميا في مزابل العاصمة، ما دفعنا لنتساءل عن سبب هذه التصرفات التي تتنافى وتعاليم ديننا الحنيف، وما زاد الطينة بلة أن بلادنا تعرف أزمة اقتصادية بعد تراجع أسعار النفط وهو ما سيكبد ميزانية الدولة خسائر كبيرة. كشف محمد بلعبدي مدير الديوان المهني للحبوب في تصريحات سابقة لبعض وسائل الإعلام الوطنية، بأن الجزائر تستورد سنويا ما يقارب 55 مليون قنطار سنويا من القمح اللين، والتي توجه في أغلبها للاستهلاك، فيما تنتج ما يقارب 10 ملايين قنطار من (الفرينة) محليا، وهو لا يكفي لتغطية الحاجة الوطنية لهذه المادة الأساسية الذي يعتمد على القمح بصفة كبيرة، إلا أن ارتفاع أسعار البترول في السوق العالمية دفع بالمسؤلين إلى التفكير في استعمال الفرينة السوداء المختلطة بالنشاء لإنتاج مادة الخبز فقط دون غيرها من المواد الأخرى يعني الحلويات ومشتقاتها، هذا من أجل تلبية طلب المواطن على هذه المادة التي ينتهي بها المطاف في الأخير إلى أكياس القمامة. قامت (أخبار اليوم) بجولة استطلاعية إلى بعض شوارع العاصمة من أجل الاحتكاك ببعض المواطنين وسؤالهم عن الأسباب التي تدفع بالكثير منهم لتبذير الخبز بشكل كبير ومثير، وقد كانت الآراء متباينة. آفة تبذير الخبز تطرق كل البيوت أول من التقيناها السيدة (خديجة) صاحبة 49 ربيعا متزوجة وأم لطفلين كانت بسوق كلوزال بالجزائر العاصمة تقتني بعض حاجياتها وكانت فرصة لنا من أجل سؤالها عن موضوعنا، أول ما سألناها كم من خبزة تشتري في اليوم استغربت في بداية الأمر السؤال ولكنها ردت علينا أنها تشتري 5 رغائف، والجدير بالذكر أن أسرتها تتكون من 4 أفراد هي وزوجها بالإضافة إلى طفليها، كما أن الأطفال يقضون اليوم بأكمله في المدرسة والزوج في العمل ولا تلتقي الأسرة إلا في المساء و على مائدة العشاء، إلا أن السيدة خديجة تقوم باقتناء 5 رغائف، عدنا وسألناها مرة أخرى هل تأكلون كل ذاك الخبز في وجبة واحدة فردت علينا بلا في غالب الأحيان 3 خبزات تكفي للعشاء، أما الخبزتين المتبقيتين فنحتفظ بهما لليوم الموالي، إلا أن أولادها يرفضون أكل الخبز البائت ما يضطرها لرميه في المزبلة وشراء خبز جديد يوميا، عدنا وسألنا السيدة (خديجة) مرة أخرى لماذا لا تشتري الكمية التي تحتاجها من الخبز دون زيادة فردت علينا أنها تشتري كميات زائدة دوما لأنها تخاف من قدوم الضيوف فجأة وقت العشاء ولا يكون عندها الخبز الذي تحتاجه في البيت من أجل تقديمه لهم. بعد السيدة (خديجة) تقربنا من منصف بائع خضر بسوق كلوزال وسألناه عن الأسباب التي تدفع بالجزائري إلى تبذير الخبز وبشكل يومي وكبير، فرد علينا بعبارة واحدة والتي تتردد على أفواه الكثيرين (الجزائري يأكل بعينيه)، ثم استرسل في الكلام شارحا أن العديد من الأشخاص اليوم وللأسف يشترون يوميا كمية كبيرة من الخبز دون أن يأكلوها، فالأب يشتري معه الخبز حين يخرج من عمله وهو في طريقه للبيت، كما يقوم بعض الأولاد أيضا باقتناء بعض أنواع الخبز، وحين الوصول إلى المنزل لا يتناولوها لتبقى مكدسة في المطبخ ثم ينتهي بها المطاف في أكياس القمامة طبعا.
الفرينة السوداء للحفاظ على سعر الخبز ولكن وفي خضم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها الجزائر في الأيام الأخيرة جراء انخفاض سعر البترول، تقرر تخفيض فاتورة الواردات من خلال إنتاج فرينة خاصة بإنتاج مادة خبز وهي الفرينة السوداء المختلطة بالنشاء، ولمعرفة نوع هذه المادة وتأثيرها على صحة الجزائريين ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالسيد مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك، والذي أوضح لنا بدوره أن جمعيته قامت بحملات تحسيسية كثيرة لمحاربة ظاهرة تبذير الخبز عند الجزائريين، وذلك من خلال الاتفاق مع أئمة المساجد على تنظيم خطب دينية يحثون فيها الناس على ضرورة عدم تبذير الخبز ومدى خطورة الظاهرة على الاقتصاد الوطني، فقد أحصت إحدى المنظومات أن أكثر من5 ملايين خبزة ترمى في القمامة يوميا في الجزائر. بالإضافة إلى هذا فإن تبذير الخبز يعتبر خسارة مادية كبيرة لأنه يكلف صندوق الدولة مالا طائلا من خلال استيراد كميات كبيرة من الفرينة لصنع هذه المادة، وهو ما يفيد الدول الأجنبية بربح مال طائل على حساب خزينة الدولة الجزائرية، كما أوضح السيد مصطفى زبدي، من جهة أخرى، أن استعمال الفرينة السوداء في صنع الخبز فقط دون الحلويات سيكون له فائدة صحية كبيرة للجزائريين لأن فيها العديد من الفيتامينات المفيدة، بالإضافة إلى مواد أخرى من شأنها أن تحد من أمراض القولون، كما أن الفرينة السوداء ستحافظ على سعر الخبز كما هو لأنها رخيصة الثمن مقارنة بالفرينة البيضاء، رغم أن الإنتاج المحلي لا يكفي في هذه المادة إلا أن أسعار استيرادها لن تكلف ميزانية الدولة الكثير.