لنا في رسول الله قدوة حسنة، ولذا علينا أن نعرف كيف كان يأكل ويشرب الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام. فقد قال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام: كل مما يليك كان عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه- غلامًا صغيرًا تربى عند النبي صلى الله عليه وسلم، وذات يوم جلس يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لا يأكل من أمامه، ولا يتأدب بآداب الطعام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا غلام سَمِّ الله وكُلْ بيمينك وكُلْ مما يليك [متفق عليه]. هناك آداب للطعام كيف يأكل ومع أين وكيف يحل طعامه ويجدر بكل مسلم أن يتحلى بها في طعامه وشرابه، وهي: الأكل من الحلال: على المسلم أن يحرص على الأكل من الحلال واجتناب الحرام، يقول تعالى:{يا آداب الطعام والشراب أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} [_البقرة: 172]. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (طلب الحلال واجب على كل مسلم. [الطبراني]. لذلك فالمسلم يبتعد عن الطعام والشراب المحرم، مثل لحم الخنزير، والدم، والميتة، والخمر،... ويستمتع بما خلقه الله من طيبات. الاعتدال: فالمسلم يعتدل في الأخذ بأسباب الدنيا وملذاتها، وقد أمر الله -سبحانه- بالتوسط في الطعام والشراب. فقال سبحانه وتعالى : {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} [الأعراف: 31]. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ آدمي وعاءً شرَّا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقِمْنَ صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسِه [الترمذي]. التسمية في أول الطعام: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله -تعالى- فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل: بسم الله أوله وآخره ). وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يأكل، ولم يسَمِّ الله حتى لم يبْقَ من طعامه إلا لقمة، فلما رفعها إلى فيه (فمه) قال: باسم الله أوله وآخره. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: (ما زال الشيطان يأكل معه، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه). عدم انتقاد نوع الطعام: المسلم لا يعيب ولا ينتقد طعامًا اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان لا يعيب طعامًا أبدًا إن أحبه أكله وإن كرهه تركه. النية في الطعام: المسلم يحول جميع أعماله إلى طاعة وعبادة باستحضار النية الصالحة فهو يأكل امتثالا لأمر الله -سبحانه- ومن أجل تقوية جسمه والمحافظة على حياته حتى يؤدي دوره في الحياة ويقوم بعبادة الله. الأكل من جانب الطعام: المسلم يأكل من جانب الطعام مما يليه ولا يأكل من وسطه وقد أمر صلى الله عليه وسلم عمر بن أبي سلمة أن يأكل مما أمامه. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أكل أحدكم طعامًا فلا يأكل من أعلى الصحفة، ولكن ليأكل من أسفلها، فإن البركة تنزل من أعلاها الاجتماع على الطعام: يستحب الاجتماع على الطعام لتنزل البركة على الحاضرين يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية [مسلم]. وقد جاء جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يشكون إليه أنهم يأكلون ولا يشبعون، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه) [أبو داود]. عدم استعمال أواني الذهب والفضة: لا يجوز للمسلم أن يستعمل الأواني المصنوعة من الذهب والفضة في طعامه أو شرابه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجَرْجِرُ في بطنه نار جهنم). [مسلم]. والمسلم يأكل بيده أو ما تيسر له من أدوات المائدة. جلسة الطعام: يستحب للمسلم إذا كان يأكل على الأرض أن يجلس على إحدى قدميه ولا مانع من أن يتناول طعامه على مائدة ويكره أن يجلس المسلم متكئًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا آكل متكئًا). كيفية الشرب: إذا أراد المسلم أن يشرب ماءً أو غيره -مما أحل الله من المشروبات- فعليه أن يشرب على ثلاث مرات وأن يتنفس خارج الإناء. وأن يسمي الله إذا شرب ويحمد الله إذا انتهى، ولا ينفخ في الشراب. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينفخ في شراب. [ابن ماجه] وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشربوا واحدًا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث وسمُّوا إذا شربتم واحمدوا إذا أنتم رفعتم حمد الله عقب الأكل: إذا انتهى المسلم من طعامه فإنه يحمد الله -سبحانه- ويشكره. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أكل طعامًا فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة. غفر له ما تقدم من ذنبه [أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع مائدته قال: (الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مَكْفِي ولا مُستغني عنه ربنا ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها [مسلم والنسائي والترمذي]. أكل طعام غير المسلمين: أحلَّ الله للمسلم أن يأكل من أطعمة أهل الكتاب (وهم اليهود والنصارى). قال تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم} [المائدة: 5]. ولكن بشروط ألا يتعارض مع ماحلله أو حرمه الله سبحانه وتعالى وألا يكون الطعام والشراب حرامًا مثل لحم الخنزير أو الخمر.