وكالات تقسّط الأسعار لجلب الزبائن الإمام قسول: عمرة التقسيط تجوز شرعا ولكن بشروط زيارة بيت الله الحرام والوقوف عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلَم حلم كل مسلم ومسلمة أينما كان وحيثما وجد، إلا أن هذا الحلم صعب التحقيق والمنال في بلادنا وذلك بسبب غلاء أسعار هذه الفريضة، فتكلفة الحج وصلت 35 مليون سنتيم أما العمرة فقد بلغت 15 مليون سنتيم، وبما أنَ متوسط دخل الجزائري محدود قامت بعض الوكالات السياحية بتنظيم رحلات للعمرة بالتقسيط وذلك تماشيا مع قدرة المواطنين، وهو الأمر الذي أثار جدلا بين الناس وطرح إشكالا مهما هل تجوز شرعا العمرة بالتقسيط؟ عتيقة مغوفل تنظم بعض وكالات السياحة والأسفار عبر مختلف ولايات الوطن رحلات العمرة بالتقسيط، مراعاة لدخل الجزائريين من جهة ولجلب أكبر عدد من الزبائن من جهة أخرى، وحتى نعرف كيف يتم تنظيم مثل هذه الرحلات قامت (أخبار اليوم) بزيارة بعض الوكالات السياحية بالعاصمة من أجل الاستفسار أكثر عن الموضوع. العمرة بالتقسيط المريح تجلب اهتمام الكل بدأنا جولتنا بشارع (محمد بلوزداد)، ففي بدايته توجد إحدى وكالات السياحة والأسفار فكانت فرصة لنا حتى نبحث في موضوعنا، وقد لقينا حفاوة الاستقبال من طرف عمال الوكالة وفي بداية الأمر سألنا عن أسعار العمرة، فأجابتنا الكاتبة أنه ما بين 120 ألف و145 ألف دينار جزائري، عدنا وسألناها مرة أخرى عن سبب ارتفاع الأسعار بعدما كانت تتراوح ما بين 110 ألف دج و120ألف دج سابقا، مع العلم أننا لسنا لا في شهر رمضان ولا في شهر شعبان ولا حتى في المولد النبوي الشريف، أين تعرف الأسعار ارتفاعا ملحوظا بسبب الإقبال الكبير الذي يكون من طرف المواطنين على هذا الركن الإسلامي في هذه الأيام من السنة لما لها من أجر وثواب عند الله عزوجل، في حين فإن الأسعار تكون منخفضة في باقي الأيام، وقد ردت الكاتبة على سؤالنا أن سعر الدينار الجزائري قد عرف انخفاضا في سوق العملات بسبب انخفاض سعر البترول في البورصات العالمية، لذلك فإن تكلفة العمرة قد شهدت ارتفاعا في الأسعار خلال هذه الفترة، عدنا وسألناها مرة أخرى عن مدى إقبال المواطنين على تأدية العمرة خلال هذه الفترة من السنة، فردت علينا الكاتبة أن الإقبال محتشم خلال هذه الفترة لأن الكثير من الناس منشغلون في أعمالهم، وفي فترات العطل تعرف الوكالة إقبال الكثير من المواطنين الذي يستغلون عطلهم ليعتمروا، لنسأل الكاتبة فيما بعد عن عمرة التقسيط وهل ارتفاع أسعار العمرة يؤدي إلى تقسيطها لجلب أكبر عدد من الزبائن؟ فردت علينا الكاتبة أن الإقبال المحتشم عليها جعل صاحب الوكالة يفكر في هذا الحل، وقد كانت الفكرة ناجحة فقد استطاع أن يجلب بعض الزبائن الذين اقتنعوا بفكرة العمرة بالتقسيط المريح بعدما كانت مستحيلة بالنسبة لهم، لأنهم لا يستطيعون تجميع كل المبلغ اللازم ودفعه مرة واحدة، أما بالتقسيط المريح فيمكن لهم أن يعتمروا وتحقيق أحد أحلامهم. دفع 40 بالمائة من التكلفة الإجمالية خرجنا من الوكالة السياحية الأولى واتجهنا نحو وكالة سياحية ثانية متواجدة بساحة أول ماي، حتى نعرف مدى إقبال أصحاب الوكالات على عرض العمرة بالتقسيط، قابلنا هذه المرة صاحب الوكالة السياحية وسألناه عن موضوعنا فأجابنا أنه هو الآخر مقتنع بفكرة تنظيم مثل هذه الرحلات لجلب أكبر عدد من الزبائن حتى يحسن دخل وكالته من جهة، وحتى يساعد الناس على زيارة بيت الله الحرام من باب الإنسانية من جهة أخرى، سألنا صاحب الوكالة السياحية مرة أخرى عن الشروط اللازمة فأجابنا أن وكالته تشترط على كل شخص أن يدفع القسط الأول المتمثل في 40 بالمائة من السعر الإجمالي للعمرة، في حين تدفع باقي الأقساط شهريا من خلال اقتطاعها من راتب الزبون الذي يجب عليه أن يوضع في ملفه مجموعة من الشيكات حتى يتمكن صاحب الوكالة في كل شهر أن يأخذ قسطا من راتب الزبون لتسديد دين العمرة. مواطنون بين الترحيب والتحفظ بعد أن زرنا وكالتي السياحة والأسفار من أجل معرفة الكيفية التي ينظمون بها عمرة التقسيط أردنا أن نستطلع آراء الجزائريين في هذا النوع من العمرة، وكان أول من التقيناه السيد(لوناس) صاحب 52 ربيعا، التقيناه بسوق لعقيبة الشعبي ببلكور لم يسبق له وأن أدى فريضة الحج أو العمرة من قبل، سألناه هل سبق له وأن سمع عن عمرة التقسيط، فأجابنا بنعم سمع بها ولكنه لم يقتنع بها، وذلك بسبب التقسيط فرغم أنها دون فوائد ربوية، إلا أن كلمة التقسيط بالنسبة له لا تشعره بالقناعة التامة خصوصا إذا ما تعلق الأمر بالتقسيط في زيارة بيت الله الحرام. وعلى ما يبدو أن السيد لوناس ليس الوحيد غير المقتنع بهذا النوع من الطرق لتأدية فريضة العمرة، فقد شاطره السيد (جلول) الرأي فحسبه تأدية العمرة ليس فرض عين على المسلمين بل هو فرض كفاية لكل شخص ميسور ماديا، لذلك وحسبه لا يجب على الإنسان أن يكلف نفسه ما لا طاقة لها به، ولكن ومن جهة أخرى هناك من الناس من رحب بالفكرة عكس الشخصين السابقين الذي أبديا تحفظا، من جهتها السيدة (يمينة) صاحبة 43 ربيعا التي استحسنت الفكرة كثيرا ورأت أن فيها تيسيرا للطبقة المتوسطة حتى تتمكن من زيارة بيت الله الحرام ولا تبقى الزيارة منحصرة على فئة دون غيرها من الناس، فبالنسبة لها أن أصحاب الفكرة طبقوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يسيروا ولا تعسروا). قسول: عمرة التقسيط تجوز شرعا ولكن بشروط بعد أن سمعنا الآراء المختلفة من طرف بعض المواطنين حول عمرة التقسيط أردنا معرفة رأي الدين في تأدية مثل هذه الطاعات، لذلك ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالشيخ (جلول قسول) إمام مسجد حيدرة ومسؤول النشاط المسجدي بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، الذي رد علينا أن عمرة التقسيط من الناحية الشرعية تجوز، فمن خلال الطواف والسعي فهي صحيحة لأن فيها تسهيل وتخفيف لكل شخص، ولكن رغم ذلك يبقى فيها نظر، لأن الله لا يكلف النفس إلا وسعها، فالشخص غير المقتدر ماليا لا يجوز له أن يؤديها ويكلف نفسه دين الذهاب إلى العمرة ويترك وراءه عائلة دون مال ولا آكل فهذا حرام، كما أن الإنسان لا يضمن حياته حتى يتمكن من رد ما عليه من ديون، ولكن إن كان الشخص موظفا وله راتب شهري مؤكد يمكّنه من رد دينه أو تجارة رابحة فلا بأس عليه أن يؤدي هذه العمرة.