** لماذا يقدر نصاب النقود في الزكاة بالذهب دون الفضة، مع أن تقديره بالفضة يكون لمصلحة للفقير؟ * يجيب أ· د حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله- جامعة القدسعلى هذا السؤال بالقول: الزكاة فريضة على الأغنياء، وترد على الفقراء كما ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال: (ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني وسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم···) رواه البخاري· وجاء في حديث آخر أنه عليه الصلاة والسلام قال: (إنما الصدقة عن ظهر غنى) رواه أحمد وإسناده صحيح· والغنى الذي يوجب الزكاة عند الفقهاء، هو ملك النصاب، والمقصود بالنصاب هنا، عشرون ديناراً ذهباً، وتعادل خمسة وثمانين غراماً من الذهب، أو مئتا درهم من الفضة وتعادل خمسمئة وخمسة وتسعين غراماً من الفضة· ومن المعلوم أن مقدار النصاب من الذهب -عشرون ديناراً- كانت تساوي مقدار نصاب الفضة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن سعر الفضة أخذ في الهبوط بعد ذلك العهد إلى أن صار الفرق بين النصابين كبيراً جداً بينما بقي الذهب محافظاً على سعره إلى وقتنا الحاضر مع اختلاف يسير، حيث إن القوة الشرائية للذهب في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تساوي ( 100%- 120%) مما هي عليه الآن لا أكثر· ونظراً للهبوط الكبير في سعر الفضة، رأى كثير من العلماء، أن تقدير النصاب في الزكاة بالذهب هو الصحيح، نظراً لثبات سعر الذهب دون الفضة· قال د· يوسف القرضاوي مرجحاً هذا القول: ويبدو لي أن هذا القول سليم الوجهة قوي الحجة، فبالمقارنة بين الأنصبة المذكورة في أموال الزكاة، كخمس من الإبل أو أربعين من الغنم أو خمسة أوسق من الزبيب أو التمر، تجد أن الذي يقاربها في عصرنا الحاضر، هو نصاب الذهب لا نصاب الفضة فقه الزكاة 1/264· ويقول د· وهبة الزحيلي: ويجب اعتبار النصاب الحالي كما هو كان في أصل الشرع دون النظر إلى تفاوت السعر القائم بين الذهب والفضة، وتقدر الأوراق النقدية بسعر الذهب، ولأنه هو الأصل في التعامل، ولأن غطاء النقود هو بالذهب، ولأن المثقال كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعند أهل مكة هو أساس العملة··· الفقه الإسلامي وأدلته 2/760· وقال د· محمد الأشقر: وقد مال بعض الفقهاء في هذا العصر إلى الرجوع إلى التقويم في عروض التجارة والنقود الورقية إلى نصاب الذهب خاصة، ولذلك وجه بيّن، وهو ثبات القدرة الشرائية للذهب فإن نصاب الذهب -العشرين ديناراً- كان يشترى بها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم عشرون شاة من شياه الحجاز تقريباً وكذلك نصاب الفضة - المئتا درهم- كان يُشتَرى بها عشرون شاةً تقريباً أيضاً، أما في عصرنا الحاضر فلا تكفي قيمة مئتي درهم من الفضة إلا لشراء شاة واحدة، بينما العشرون مثقالاً من الذهب تكفي الآن لشراء عشرين شاة من شياه الحجاز أو أقل قليلاً فهذا الثبات في قوة الذهب الشرائية تتحقق به حكمة تقدير النصاب على الوجه الأكمل، بخلاف نصاب الفضة أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة 1/30·