شهد المسجد الأقصى المبارك، صباح الأمس الأربعاء، اقتحامات جديدة من المستوطنين والجمعيات اليهودية تقودها (جمعية طلاّب لأجل الهيكل). أوضحت وكالة (وفا) أن هذه الاقتحامات تمّت من باب المغاربة وسط حماية معزّزة ومشدّدة من عناصر الوحدات الخاصّة بشرطة الاحتلال وتنفّذ جولات استفزازية في أرجاء المسجد. ويتواجد في الأقصى المبارك عدد من المُصلّين وطلبة مجالس العلم، فيما ينتشر حرّاس المسجد في أركانه لمنع أيّ محاولة للمسّ بمكانة وقدسية المسجد. وكانت شرطة الاحتلال اعتقلت أمس الأوّل خمس نساء من المرابطات في المسجد الاقصى خلال خروجهنّ من بوّاباته الرئيسية، وتمّ إخلاء سبيل سيّدتين في وقت لاحق، في حين تمّ تمديد اعتقال النّساء الثلاث إلى اليوم. ويتكرّر مشهد اقتحام المسجد الأقصى المبارك من قِبل المستوطنين اليهود بصفة يومية، كما يتصدّى طلاّب حلقات العلم والمرابطون في الأقصى لهذة الهجمات والاقتحامات البربرية تحت حراسة مشدّدة من جنود الاحتلال. * إحراق المساجد متواصل قال مسؤول محلّي فلسطيني إن مستوطنين أضرموا النّار فجر أمس الأربعاء في مسجد قرية الجبعة جنوب بيت لحم في الضفّة الغربية المحتلّة. وأضاف نعمان حمدان، رئيس مجلس قروي الجبعة: (أضرم مستوطنون النّار في مسجد القرية فجر اليوم أمس وكتبوا شعارات عنصرية باللّغة العبرية منها الانتقام لأرض صهيون وتدفيع الثمن)، وتابع: (عناية اللّه ومشاهدة النّاس للحريق عندما بدأ حالت دون أن تأتي النّار على كلّ المسجد الذي احترق جزء من السجّاد فيه). وأوضح حمدان أنه (تمّ إحراق المسجد من خلال كسر الشبّاك وإلقاء مواد حارقة)، وقال: (المسجد مبني منذ خمس سنوات ويقع على أطراف القرية التي تحيط بمجمّع غوش عتصيون الاستيطاني)، وأضاف: (هناك اعتداءات مستمرّة من المستوطنين على المزارعين، لكن هذه أوّل مرّة يتمّ فيها إحراق مسجد). * سرقة التراث وكشفت وزارة الآثار والسياحة الفلسطينية أن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على 53 بالمائة من الآثار في الضفّة الغربية، فضلا عن استيلائه على متعلّقات التراث الأخرى من فنون وأثواب ومأكولات وغيرها. وقال مدير وحدة البيانات والخرائط في وزارة الآثار والسياحة الفلسطينية محمد جرادات إن استمرار سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على نحو 53 بالمائة من المواقع الأثرية الفلسطينية يؤدّي إلى مزيد من الإهمال والسلب بحقّها، خاصّة وأن اتّفاق أوسلو قبل نحو 20 عاما وضع سيطرة إسرائيلية عليها، وأكّد أن الجرائم الممارسة في حقّ المواقع الأثرية تعدّ مخالفة للقانون الدولي وترتقي إلى مستوى جرائم حرب مقارنة مع الحفاظ على المواقع في المناطق الخاصّة للسيطرة الفلسطينية، ووجّه الاتّهام بالضلوع بسرقة الآثار إلى لصوص محلّيين يسرّبون القطع الأثرية إلى وسطاء ومن ثَمّ تصل إلى تجّار آثار إسرائيليين. وأشارت مدير السجِّل الوطني للتراث في وزارة الثقافة أماني الجنيدي إلى أن الاحتلال عمد خلال السنوات الأخيرة إلى سرقة التراث الفلسطيني والعربي، سواء ما له علاقة بالأثواب المطرزة أو التراث الغنائي والموسيقي أو حتى المأكولات الفلسطينية والشرقية، وهو من خلال ذلك يحاول خلق جذور ثقافية له في المنطقة التي احتلّها بالقوّة، لأنه لا يمكن للاحتلال أن يتجذّر في منطقة دون أن يكون له عمق تاريخي أو ثقافي فيها، ومن خلال هذه السرقات يحاولون إقناع الرأي العام العالمي بأحقّيتهم بفلسطين، وأكّدت أن لذلك الكثير من العواقب على التاريخ والتراث الثقافي الفلسطيني، فمن الممكن أن ينشأ جيل من الشباب منسلخ عن ثقافته ومتجرّد منها، ما يسهّل ذوبان هذه الأجيال (الضعيفة) التي انسلخت عن هويتها الثقافية. بدوره، قال الفنّان ناصر الأسمر إن الأوضاع السياسية غير المستقرّة في الوطن العربي بشكل عامّ والانقسام في فلسطين بشكل خاصّ ساهم إلى حدّ كبير في تسهيل المهمّة التي يقوم بها الاحتلال لتجريد فلسطين والوطن العربي من موروثه الثقافي، وأشار في حديثه إلى أن الاحتلال يسير بخطوات مدروسة لتصبح مخطّطاته أمرا واقعا، حيث أنه يعمل على تدريس التراث المسروق للإسرائيليين في المدارس والمعاهد لتنشأ حالة من عدم الاغتراب عن هذا التراث الدخيل عليهم، وفي المقابل تمتاز المحاولات العربية والفلسطينية لمنع السرقات الإسرائيلية بالهشاشة والضعف.