يعيش غالبية مسلمون الهند في عالم مغلق تسيطر عليه أجواء الفقر والاضطهاد، وعلى الرغم من أنهم أكبر عرقية في الهند بعد الهندوس إلا أنهم لا ينعمون بما تنعم به طوائف الشعب من حقوق وحريات، وكأنهم لاجئون. وليس للمسلمين قيادة موحدة، فهم يعانون من فقدان القيادة منذ استقلال الهند عن بريطانيا 1947، حيث كان لهم قبل الاستقلال منظمات وأحزاب وشخصيات سياسية، وبدأت تتلاشى مع وجود الاحتلال البريطاني حتى انعدمت بعد الاستقلال، مما جعلهم فريسة للسياسين المتطفلين. ووردت أنباء عن صراع بين أكبر حزبين هندوسين في الهند (حزب المؤتمر) و(حزب بهاراتيا جناتا) الذي يرأسه (ناريندرا مودي) رئيس الوزراء الحالي، وذلك بعد محاولة الأخير التخلص من ملف تخصيص حصص للمسلمين في الوظائف والتعليم، مما دفع حزب المؤتمر إلى معارضة القرار في المجالس التشريعية المختلفة لضمان حقوق المسلمين في المخصصات. وتأتي هذه التصريحات بعد أن خصصت الحكومة السابقة للمسلمين مخصصات في الوظائف والتعليم، إلا أن المحكمة العليا أيدت أحقية المسلمين في مخصصات التعليم فقط، مما دفع (حزب المؤتمر) لبيان أن المسؤولين يجب أن يحموا مخصصات المسلمين دون تركها تتهاوى. وينظر للمسلمين في الهند أنهم مواطنون من الدرجة الدنى، وأنهم لا يتطلعون للهند كوطن لهم بل إلي باكستان، واعتبارهم عقبة مانعة في وجه تقدم الهند إلى مصاف الدول الكبرى، لكن المراجعة النقدية تظهر أن هذه الاتهامات صكت بشكل غوغائي في مجتمع فقير أمي تتلاعب بعقله وقلبه الشعارات الدينية المتطرفة، لذلك يحرمون من حقوقهم في الوظائف العامة والتعليم. وعاش المسلمون أسوء أيامهم خلال فترة حكم حزب المؤتمر الذي حكم الهند لسنوات طويلة بعد الاستقلال، والآن جاء حزب (بهاراتيا جناتا) الهندوسي ليكمل المسيرة، بقيادة (ناريندرا مودي) رئيس الوزراء الحالي وأكبر شخصية معروفة شدة عدائها للمسلمين لتاريخ الملطخ بالدماء وتورطه في مجزرة (جوجارات) عام 2002م التي راح ضحيتها أكثر من ألفي مسلم وحرق منازلهم وطردهم من الولاية، حينما كان حاكم لولاية للولاية حينها، وكذلك تورطه في هدم مسجد (بابري) التاريخي أكبر مسجد بالهند عام 1992، فهو قاد أكثر من خمسة عشر ألف هندوسي لحرق وهدم هذا المسجد. والأكثرية الساحقة من المسلمين هم من الفقراء وغير المتعلمين، ولكن هناك فئة محدودة من المسلمين المثقفين التي ظهرت خلال الأربعين سنة الأخيرة، وبعد أن هاجرت النخبة المسلمة المثقفة من البلاد إلى باكستان عقب التقسيم، والآن أصبحت حريات المسلمين منتهكة ويضرب بها عرض الحائط سواء من السلطة الحاكمة أو أفراد المجتمع.