وقع شريكا الحكم في السودان اتفاقا امنيا يتضمن الترتيبات الخاصة بوضع القوات والأجهزة الأمنية السودانية في مرحلة ما بعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المقرر إجراؤه في التاسع من يناير المقبل، وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين بزعزعة استقرار الجنوب. وذكرت قناة "الجزيرة" ان حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان قاما بتوقيع اتفاق امني وصف بانه الاهم في اطار نزع فتيل التوتر بينهما، وهو يؤسس لعلاقة تبعد شبح الحرب بين الشمال والجنوب في مرحلة ما بعد الاستفتاء. من جهته، صرح علي احمد حامد من حزب المؤتمر الوطني "بأن الاتفاق يضع الأساس لعلاقة أمنية مرتبة بين الجانبين"، في حين قال سفا مطوك من الحركة الشعبية "إن من شأن الاتفاق الإسهام في حل أزمات الحدود بين الشمال والجنوب بما فيها منطقة ابيي". زعزعة الاستقرار ويأتي هذا الاتفاق الأمني بين الجانبين وسط اتهامات اطلقها الامين العام للحركة الشعبية باقان اموم للجيش السوداني بقصف مناطق جنوبية، كما اتهم حزب المؤتمر الوطني بزعزعة استقرار جنوب السودان. وقامت الحركة الشعبية لتحرير السودان بتقديم شكوى لمجلس الامن الدولي للتحقيق فيما تقول انه قصف نفذه الجيش السوداني مستهدفا مناطق في ولاية بحر الغزال الكبرى بجنوب السودان. وقال اموم "نطالب مجلس الامن بارسال فريق محققين الى المنطقة وتأمين عملية السلام في السودان"، متهما حزب المؤتمر الوطني بأنه يريد العودة إلى الحرب لعرقلة الاستفتاء وإسقاط حكومة الجنوب. واضاف "لكننا لا نريد العودة الى الحرب، بل نريد اجراء الاستفتاء في الموعد المقرر". وكانت الحركة الشعبية قد اتهمت الجيش السوداني الشهر الماضي بشن هجمات جوية على مواقع لها بمناطق حدودية بين الشمال والجنوب. من جهته، نفى الجيش السوداني قيام قواته بأي عمليات في الجنوب, ووصف المتحدث العسكري الصوارمي خالد الاتهامات في هذا الصدد "بأنها بلا أساس"، قائلا: "ان الجيش يقوم بمهمته في مطاردة متمردي دارفور داخل الجزء الشمالي, دون العبور نحو الجنوب". بدورها، اعلنت الاممالمتحدة على لسان المتحدث باسم بعثتها الدولية في السودان قويدر زروق انها تنظر في الاتهامات, مشيرة الى الاستعانة بقوات حفظ السلام والجيشين في الشمال والجنوب. انتهاء المهلة ويأتي ذلك، في ظل انتهاء المهلة الاضافية التي منحتها مفوضية استفتاء جنوب السودان لتسجيل الناخبين امس الاربعاء. واعلنت المفوضية ان عدد المسجلين للاستفتاء في جميع الولايات السودانية وفي الخارج بلغ مليونين و589 ألفا و198 شخصاً حتى الثلاثاء. واوضح المسئول الإعلامي جورج ماكير "ان عدد المسجلين في الجنوب بلغ مليونين و458 ألفا و924 شخصا طبقا لإحصائية من 88% من المراكز الموجودة بالجنوب، وفي الشمال بلغ العدد 88 ألفا و274 وخارج السودان 42 ألف ناخب". ومنحت المفوضية حق طباعة بطاقات الاستفتاء إلى 12 شركة وطنية، وأبدت ثقتها بإنجاز العملية في موعدها المحدد. ومع العودة المكثفة لأهالي الجنوب الذين يعيشون في الشمال من اجل الاستعداد لإجراء الاستفتاء، طالبت مسئولة أممية بمساعدة مالية عاجلة لسكان جنوب السودان. وقالت مسئولة العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في جنوب السودان ليز غراندي: "إن المنظمة الدولية تحتاج إلى 32 مليون دولار كمساعدة عاجلة لسكان جنوب السودان، الذين يعودون بكثافة مع اقتراب موعد الاستفتاء على استقلال هذه المنطقة في يناير المقبل". وقالت غراندي في مؤتمر صحفي في جوبا عاصمة جنوب السودان: "إن أكثر من ألف جنوبي يغادرون يوميا شمال السودان للعودة إلى أراضيهم، ما يرفع عدد العائدين منذ نهاية أكتوبر إلى 51 الف شخص"، فيما قالت مفوضية جنوب السودان للمساعدة وإعادة التأهيل، وهي هيئة عامة تنسق عمليات العودة "إن أكثر من 150 ألف شخص قد يعودون إلى جنوب السودان بحلول مارس المقبل". في غضون ذلك، أكد رئيس لجنة حكماء إفريقيا ثامبو امبيكي إن المقترحات التي تقدم بها إلى شريكي الحكم في السودان حول ملف ابيي تعامل معها الجانبان بجدية واهتمام، حسب تعبيره. واعتبر امبيكى مساء الثلاثاء ان المباحثات الجارية حققت تقدما, موضحا ان الشريكين طالبا بادخال بعض التعديلات فى بنود المقترحات لتضمينها فى الوثيقة النهائية. واضاف ان الوقت لم يحن لاعلان الوثيقة نظرا لسريتها ولضمان تحقيق النتائج المرجوة.واشار امبيكى الى استمرار لقاءاته مع شريكي الحكم في البلاد بهدف التوصل الى صيغة نهائية تنهي تعقيدات الازمة في السودان. وسيختار السكان في جنوب السودان في التاسع من يناير، خلال استفتاء بين استقلالهم والبقاء ضمن السودان الواحد. ومن المقرر أيضا أن يختار سكان منطقة "أبيي" الغنية بالنفط في اليوم نفسه بين انضمامهم إلى الشمال أو إلى الجنوب. وكان التوتر قد ازداد خلال الفترة الماضية بين قبيلتي المسيرية الشمالية ودينكا نقوك الجنوبية على خلفية من يحق له التصويت في استفتاء أبيي.