بقلم: محمد قروش أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي يحوم ويطوف هذه الأيام في جولات ماراطونية لعرض جدول أعمال (جامعة العرب) القادمة في شرم الشيخ برئاسة كبير الانقلابيين عبد الفتاح السيسى حول موضوع محوري يتعلق بالأمن القومي العربي. نعم الأمن القومي العربي، هذه الأغنية التي سمعناها منذ نعومة أظافرنا، بل قبل أن نخلق، منذ إنشاء جامعة العرب قبل 70 عاما. فمنذ سبعين عاما مضت وجامعة العرب تدرس كيفية تحقيق نظام الأمن القومي العربي وسبل الدفاع المشترك والسوق العربية المشتركة والوحدة الجمركية وحرية التنقل بين الدول العربية ومصالح الدول الأعضاء المصدرة للنفط وأم القضايا العربية وهي تحرير فلسطين، وشكلت لأجل كل ذلك مئات اللجان والهيئات والرابطات والمنتديات والاتحادات وعقدت مئات المؤتمرات والندوات والاجتماعات والملتقيات وألفت آلاف الكتب والدراسات والتقارير...و... وغيرها من أحلام دويلات العرب، لكن خلال سبعين سنة كل ما حدث هو العكس تماما للقرارات الضخمة والخطب العنترية الرنانة والبيانات الطنانة المشتعلة والتنديدات المجلجلة. فخلال سبعين عاما فقدت فلسطين 90 في المائة من ترابها وضاع عشرات الآلاف، بل الملايين من سكانها بين مشرد وقتيل ومهجر وأسير، بل أصبح التسابق على الولاء (لإسرائيل) وخدمتها والتطبيع معها ومساعدتها في مخططاتها فخرا وشرفا لمثير من دويلات العرب، وتحولت خلال سبعين عاما الدول العربية إلى موقع للقواعد العسكرية الأمريكية والغربية لتصول وتجول فيها كما تشاء، وهي القواعد التي تستعمل للاعتداء على دويلات العرب ذاتها، وبها دمر العراق عن بكرة أبيه، كما دمرت سوريا ودمرت اليمن ودمرت ليبيا، كل ذلك بأيدي العرب المتحالفين مع أعداء العرب، وأصبحت الدول العربية تتقاتل فيما بينها على أراضي كثير من الدول الأخرى، وخلال سبعين عاما زادت النزاعات العربية-العربية واتسعت رقعتها من الخليج إلى المحيط لأجل قضايا تافهة لتعيد تاريخ ملوك الطوائف القديم وحروب داحس والغبراء العربية، لتغلق بعد ذلك المعابر والحدود وتضاعف الرسوم والجمارك وتفرض التأشيرات ويمنع دخول العرب إلى بلاد إخوانهم العرب تحت شعار الأمن ومحاربة الإرهاب، وبعد سبعين عاما أصبحت دويلات النفط تستعمل النفط لتجويع وتكسير إخوانهم العرب وتدمير اقتصادياتها. فماذا بقي من جامعة العرب بعد هذا كله؟ وأي أمن قومي مشترك سيدافعون عنه؟ اللهم إلا أن يكون الاشتراك في الدفاع عن أمن إسرائيل!