يحتار الكثير من الناس إلى الطباع التي طبعت متسولي اليوم الذين باتوا يشترطون المال ويرفضون تزويدهم بقطع من الخبز بل باتوا يطلبون الفواكه وشرائح البيتزا وأطباق الشوارما، ويكون أحسن بكثير من ذلك مدّهم المال لكن الخبز يرفضونه ويتركونه ملقى بالطرقات والشوارع، فالشخص الجائع المحتاج يقبل بالنعمة لكن هم يرفضونها ويستكبرون عنها، فحقيقة عجبا لمتسولي اليوم فحتى التسول زحف إليه التطور والعصرنة فمتسول اليوم يختلف بكثير على متسول الأمس الذي كان يقنع بالخبز وبالألبسة القديمة وهي الصفات التي انتزعت من متسولي اليوم الذين ملأهم الطمع والجشع والانتهازية فهم محتاجون مزيفون، والمحتاج الحقيقي لا يشترط نوع الصدقة التي يمنحها إليه المتصدقون على قدر استطاعتهم. وهو المشهد الذي وقفنا عليه أمام محل للإطعام السريع بساحة أول ماي أين كانت تقبع أمامه عجوز متسولة وكانت تطلب من كل من يدخل أن يشتري لها شرائح البيتزا والشوارما وغيرها من الأطباق، وبعد أن توقفت أمامها امرأة وناولتها رغيفا من الخبز رفضت ونهرتها وما كان على تلك المتصدقة إلا إكمال مشيها بعد إن استغربت من الأمر كثيرا. وهي الأمور التي تكررت على العديد من المواطنين وسردوها لنا بعد أن اقتربنا من بعضهم، السيدة مليكة تقول (بالفعل المتسولون اليوم مالوا إلى طلب الأشياء الفاخرة والأطباق التي قد لا يتاح للعامل التزود بها في وجبته، فهذه تطلب لحما وأخرى دجاجا والقائمة طويلة، ما يبين انتهازية هؤلاء خاصة وأن المحتاج الحقيقي لا يجرؤ على إتيان تلك الأفعال ويقبل بما تصدق عليه الناس مهما كان نوع الصدقة ولو كانت بسيطة، فأنا شخصيا تعرضت إلى موقف مماثل لكن الأمر لا يتعلق بالخبز كمادة يرفضها المتسولون، بل منحت إحدى المتسولات التي كانت واقفة بالقرب من المسجد ملابس لكن وما أن عدت ومررت بنفس المكان حتى وجدت الملابس متناثرة هنا وهناك، ولم تعجب تلك المتسولة على الرغم من صلاحيتها للاستعمال فما كان عليّ إلا جمعها ووضعها إلى جانب مفرغة لعلها تثير انتباه أحد لأخذها واستعمالها ومنذ ذلك اليوم امتنعت عن التصدق على الأغراب واكتفيت بنيل الثواب من المحتاجين الذين أعرفهم ويقبلون بكل الصدقات مهما كان نوعها دون استكبار على النعم). سيد آخر بيّن استغرابه من حال متسولي اليوم الذين أعلنوا انتهازيتهم بسبب اشتراطهم نوع الصدقة الممنوحة من المتصدقين مما أدى إلى عزوف البعض عنها، وأضاف أنه وقف على العديد من المواقف التي تبرهن أن التسول أصبح حرفة فأغلب المتسولين يحبذون المال ويستكبرون على الطعام والملابس إن منحت لهم ويتركونها في مكانها مما يجلب الدهشة، فنحن لم نعهد ذلك على متسول الأمس الذي كان يرضى بكل ما هو بسيط المهم والأهم لديه فك كربة من كربه لكن شتان بين الأمس واليوم.