بقلم: محمد قروش رفض الجزائر للتدخل الخارجي في شؤون الدول مبدأ راسخ ينبع من قناعاتها أن المشاكل الداخلية للدول لا تحلٌ إلا بالحوار والتشاور والتفاهم بين الأطراف المتصارعة، وأن الحلول العسكرية لا تأتي إلا بنتائج عكسية تؤدي إلى تدمير البلدان وتقتيل الشعوب ومضاعفة الحزازات والأحقاد بين الأطراف المختلفة في الدولة الواحد. وقد نجحت الجزائر إلى اليوم في الدفع بهذا الاتجاه في عدة قضايا وصراعات في إفريقيا والعالم العربي، كان آخرها لقاء الفصائل الليبية في الجزائر بعد محاولة كثير من الدول عسكرة النزاع في هذه البلاد، وهي اليوم ترفعه كحل أساسي في حل المعضلة اليمنية التي تحولت إلى حرب أهلية خطيرة تهدد اليمن وباقي المنطقة العربية. إن تجرية التدخل العسكري في ليبيا وسوريا وتسليح الفصائل المتناحرة قد اثبتت للعالم أن التدخلات العسكرية في حل النزاعات بين الدول لا يستطيع أن يكون حلا ناجعا بالنظر إلى آثاره الوخيمة على المستويات الداخلية والإقليمية، مثلما يحدث اليوم في اليمن، حيث تتدخل السعودية وبعض دول الخليج عسكريا في صد الحوثيين المتنازعين مع السلطة اليمنية الجديدة التي جاءت بها ثورة الربيع العربي في اليمن، وهو أمر خطير قد يشعل المنطقة كلها ويخلق بؤرا متوترة وجماعات متطرفة لا يمكن التحكم فيها لسنوات طويلة. ولعل مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول سواء سياسيا أو عسكريا هو الذي جعل الجزائر ترفض المشاركة في القوة العربية المشتركة بإرسال جنودها للقتال في المناطق المتنازع عليها، وهي الخطوة التي قد تتحول إلى اعتداءات مباشرة على سيادة كثير من الدول، مثلما قامت به مصر مؤخرا في قصف جماعات ليبية او، ما تقوم به السعودية في اليمن اليوم وقبلها في البحرين، حيث ستتحول هذه القوة المشتركة إلى مجموعات عسكرية تستعملها الدول ضد بعضها في حالة عدم تماشيها مع بعض المخططات والأنظمة السياسية بذريعة مكافحة الإرهاب أو الدفاع عن بعض الأنظمة الموالية لها. فالحوار السياسي والعسكري بين مختلف الفصائل والقبائل والأحزاب من أبناء الوطن الواحد يظل هو الحل الوحيد في الوصول إلى حلول سلمية ودائمة، تجمع مختلف الرؤى وتسعى إلى تحقيق اهداف طويلة الأمد لتوحيد مختلف الأطراف والتعايش بينها، أما التقتيل والحروب فلن تؤدي إلا إلى مزيد من الدماء والتخريب والأحقاد.