أولى خطوات الفلاح الاعتراف بالخطأ، وأولى خطوات الإصلاح الاعتراف بالخلل , وأولى خطوات إصلاح النفس الاعتراف بالذنب، ومن ثم الندم على الذنب لذلك كان الندم توبة. وكثيرا من الناس يقدمون على التوبة بشكل عام هامشي غير مدققٍ ولا متحرٍ ولا نادم ، ومن ثم فهم يعاودون الذنب مرات ومرات ويعاودون التوبة التي تعودوا عليها مرات ومرات . ولا شك أن معاودة التوبة ومعاودة الاستغفار وتكرار ذلك , هو شيء إيجابي حسن , بل هو عبودية في ذاته .. لكن الخلل التي أتحدث عنه هو عدم الشعور بالندم وعدم الشعور بالتقصير في حق الله سبحانه وتعالى , وعدم الشعور بالخطيئة التي ارتكبها العبد تجاه ربه . إن قوة الندم كلما قويت وقوي الاعتراف بالذنب كلما أحرقت آثار ذلك الذنب في قلب المرء ، ومن ثم صار تذكر الذنب يصحبه الندم ، وصعب عند ذلك تكرار الذنب ، إذ الندم والاعتراف يمنعان معاودته . والاعتراف بالذنب في الإسلام هو اعتراف بين يدي الله سبحانه وتعالى وحده ، لا بين يدي خلق من خلق الله , يخطئون ويقعون في نفس الذنب أو غيره ، بل هو ندم بين يدي العظيم الجبار , واعتراف بين يدي الغفور الرحيم سبحانه . يقول الله تعالى: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. وفي الحديث: "اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت".. رواه البخاري. وفي الحديث الآخر: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي "أي أعترف" فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".. متفق عليه والاعتراف بالذنب بين الإنسان وربه هو من التوبة كما قال تعالى: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} ، وقال سبحانه: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}. وفي صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة: "فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه. يقول ابن القيم: "إن الهداية التامة إلى الصراط المستقيم لا تكون مع الجهل بالذنوب، ولا مع الإصرار عليها، فإن الأول جهل ينافي معرفة الهدى، والثاني: غي ينافي قصده وإرادته، فلذلك لا تصح التوبة إلا من بعد معرفة الذنب والاعتراف به وطلب التخلص من سوء عاقبته أولاً وآخراً".. [مدارج السالكين]. والأصل أن على المسلم إذا ارتكب شيئاً مما حرم الله أن يستر على نفسه ولا يفضحها، وفي الحديث: "لو سترت على نفسك ".. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح لكن إن كان في الاعتراف لشخص آخر، مصلحة شرعية أو إعانة له على التوبة فيمكن الاعتراف, وفي حديث الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا بيان لذلك .