تعتبر الأولى من نوعها لرئيس حكومة جزائري يجري الوزير الأوّل عبد المالك سلاّل زيارة رسمية إلى الصين من 28 إلى 30 أفريل 2015 بدعوة من رئيس مجلس شؤون الدولة ورئيس وزراء جمهورية الصين لي كيكيانغ، حسب ما أفاد به أمس الاثنين بيان لمصالح الوزير الأوّل، علما بأن سلاّل سيكون أوّل رئيس حكومة جزائرية يزور الصين منذ الاستقلال. أوضح المصدر ذاته أن الوزير الأوّل سيجري خلال هذه الزيارة (محادثات مع نظيره الصيني ومع مسؤولين صينيين سامين حول سبل ووسائل تعزيز التعاون الثنائي وفقا لقرار رئيسي البلدين القاضي بتسجيل العلاقات بين البلدين في إطار شراكة استراتيجية شاملة). وتأتي هذه الزيارة (غداة انعقاد الدورة السابعة للّجنة المختلطة الجزائرية-الصينية للتعاون الاقتصادي والتجاري والتقني). ويرافق الوزير الأوّل خلال هذه الزيارة التي ستتوّج بالتوقيع على العديد من اتّفاقات التعاون في شتى المجالات وفد هامّ يضمّ أعضاء من الحكومة ومتعاملين اقتصاديين وطنيين. وفي إطار هذه الزيارة سيجري السيّد سلاّل محادثات مع مسؤولين صينيين سامين، إلى جانب تنظيم منتدى رجال أعمال البلدين. زيارة تاريخية يُنتظر أن يصبح الوزير الأوّل عبد الملك سلاّل اليوم الثلاثاء أوّل رئيس حكومة جزائرية يزور الصين منذ الاستقلال، مثلما ذكرت وزارة الخارجية الصينية. وقال المتحدّث هونغ لي إن سلاّل سوف يكون في الصين اعتبارا من اليوم الثلاثاء إلى يوم الجمعة للقيام بزيارة (التي توليها كلّ من الصينوالجزائر أهمّية كبيرة). وأضاف هونغ في مؤتمر صحفي أن الرئيس شي جين بينغ سيجتمع مع سلاّل، كما يجري رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ محادثات معه أيضا، وأن الجانبين سوف يتبادلان وُجهات النظر حول تعزيز الشراكة الثنائية، فضلا عن القضايا الدولية والإقليمية. وفي أعقاب بكين سوف يزور سلاّل شانغهاى أيضا. وقد أشاد هونغ باسهام الجزائر بمساعدة الصين على استئناف مقعدها الشرعي في الأمم المتّحدة عام 1971. تجدر الإشارة إلى أن الصين كانت عضوا مؤسسا للأمم المتّحدة، وبالرغم من ذلك وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية احتلّت مقعدها سلطات تايوانية بدعم من الولايات المتّحدة. وقد مرّرت الجمعية العامّة للأمم المتّحدة قرارا برعاية الجزائر، فضلا عن 22 دولة لاستعادة حقوق جمهورية الصين الشعبية وطرد تايوان. شراكة رابح-رابح بين البلدين عرفت العلاقات الجزائرية-الصينية خلال السنوات ال 15 الأخيرة تطوّرا ملحوظا بدفع من قادة البلدين من خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى، على غرار تلك التي أجراها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سنوات 2000 و2006 و2008 والرئيسان جيانغ زمين في 1999 وهو جينتاو سنة 2004. كما دعّمت هذا المسعى زيارات رئيس اللّجنة الوطنية للهيئة الاستشارية السياسية للشعب الصيني يو زهانغشنغ في نوفمبر 2014 وزيارات مستشار دولة جمهورية الصين الشعبية يانغ جيتشي في فيفري 2015 ووزير التجارة الصيني غاو هو شينغ الذي ترأس مناصفة في 10 أفريل أشغال الدورة السابعة للّجنة المختلطة الاقتصادية الجزائرية-الصينية مع نظيره الجزائري عمارة بن يونس. وقد أفضى هذا التطوّر في العلاقات إلى التوقيع على شراكة استراتيجية بين الجزائروبكين، لتكون الجزائر بذلك أوّل بلد عربي أبرمت معه هذه الشراكة. ويؤطّر هذه الشراكة الإعلان السياسي الذي وقّع عليه رئيسا البلدين في 25 ماي 2014، والذي طبّق من خلال المخطّط الخماسي للتعاون الاستراتيجي الشامل 2014-2018 الموقّع في جوان 2014 في بكين.
790 مؤسسة صينية في الجزائر تنشط نحو 790 مؤسسة صينية في الجزائر، لا سيّما في مجال البناء والأشغال العمومية، وكذا الاستيراد والتصدير. وقد أوكلت العديد من المشاريع خاصّة في مجال البناء لمؤسسات صينية، على غرار مشروع المسجد الكبير وأوبيرا العاصمة، وكذا مشاريع السكن. وعلى الصعيد الاقتصادي، سيّما فيما يخص العلاقات التجارية تعتبر الصين أوّل مموّن للجزائر منذ 2013 (2ر8 مليار دولار سنة 2014) وعاشر زبون لها (8ر1 مليار دولار) بما يعود بفائدة كبيرة على الطرف الصيني. وأشار ذات المصدر إلى أن هذا الوضع ذاته هو الذي يتطلّع القادة الجزائريون إلى تغييره من خلال تحقيق توازن في المبادلات و(منح مضمون للشراكة)، حيث أن الهدف يكمن في عدم الاكتفاء بعلاقات تجارية محضة. ومن ثَمّ فإن الجزائر تتطلّع إلى الاستفادة من تحويل التكنولوجيا والاستثمارات الصينية، ومطلوب أيضا قدوم المؤسسات الصينية إلى الجزائر بغية تحفيزها على الإنتاج هنا لتلبية احتياجات السوق الداخلية واكتساح أسواق الدول المجاورة، وكذا دول المتوسّط. وتمّت الإضافة أن كلّ هذه العوامل كفيلة ب (إعطاء دفع) للعلاقات الجزائرية-الصينية وستساهم في إرساء شراكة رابح-رابح بين البلدين. وتمّ التوضيح أن السلطات الصينية (ترحّب) بهذه المقاربة وجد (متفتّحة) على الاقتراحات الجزائرية، علما بأن الجزائر بلد مستقرّ وميسور.
علاقات متجذّرة فإن كانت العلاقات الجزائرية-الصينية متوجّهة أكثر نحو المسائل الاقتصادية إلاّ أنها تعود إلى فترة 1950، حيث منح الجيل الأوّل لقادة جمهورية الصين الشعبية دعما كبيرا للجزائر في نضالها من أجل التحرير الوطني، وكانت الجزائر من بين أولى الدول التي اعترفت باستقلالها. بالفعل، فإن الصين كانت أوّل بلد غير عربي اعترف بالحكومة المؤقّتة للجمهورية الجزائرية في سبتمبر 1958 وأقيمت العلاقات بين البلدين في 20 سبتمبر 1958. وخلال سنة 1963 أرسلت الصين أوّل بعثة طبّية إلى الجزائر، وهو تقليد لا زال قائما إلى اليوم، حيث أرسلت آخر بعثة (ال 24) بعد التوقيع على بروتوكول الاتّفاق الخاص بها في ماي 2014. بالمقابل، فإن الجزائر ودبلوماسيتها التي كان يقودها آنذاك الرئيس بوتفليقة لم تدّخر جهدا من أجل مساعدة الصين على استعادة مكانتها المشروعة ضمن الأمم المتّحدة. وكلّلت هذه الجهود بالنّجاح، إذ استعادت جمهورية الصين الشعبية في 23 نوفمبر 1971 مقعدها كعضو دائم ضمن مجلس أمن منظّمة الأمم المتّحدة. هذا، ويجمع الجزائروالصين تطابق في وُجهات النظر حول (جل المسائل الدولية تقريبا)، سواء ضمن مجموعة 77 والصين (مجموعة 77+الصين) أو في المحافل الدولية. وكمثال على ذلك فإن الصين شأنها شأن الجزائر تدعّم إصلاح مجلس أمن الأمم المتّحدة من أجل ضمان تمثيل أكثر إنصافا لفائدة كلّ القارّات، سيّما إفريقيا.