بقلم: الشيخ أبو إسماعيل خليفة عن أَبي هُريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلّى اللّه عليه وسلّم قَال: (سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خُدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ . قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟. قَالَ : (الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَةِ.) رواه ابن ماجة والبزار وغيرهما.. ما المراد النبويّ بالرُّوَيْبِضَة: لقد ذكر العلماء تفسيرات عديدة للرُّوَيْبِضَة : فقيل من حيث الأصل اللغويّ: الرُّوَيْبِضَةُ: تصغير الرابضة وهو راعي الربيض والربيض: الغنم والهاء للمبالغة. وقيل التَّافه: الخَسِيس الحَقِير. كما في النهاية في غريب الحديث والأثر. وجاء ما يؤيّد هذا المعنى في البيان النبويّ: قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ . قال اللغوي ابن منظور: (الرويبضة: هو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها والغالب أنه قيل للتافه من الناس لِرُبُوضِه في بيته وقلة انبعاثه في الأمور الجسيمة). وقد شرحه صلى الله عليه وسلم بما لا يقبل الزيادة. أما سؤال الصحابة رضوان الله عليهم فلمزيد بيان. إيه .. يا رسول الله: نطق الرويبضة واختلطت مصادر التلقي عند الناس حتى تحوّل الصَّحفيُّ إلى مشرّع وأصبح السياسي مرجعية دينية وصار العامي مفتيا وفقيها. فهل بعد هذا يسأل سائل كيف بدأ النقض لعُرى الإسلام والتشكيك في المسلَّمات والأصول؟. وما كان ما كان إلا بدعوى المعقول أو المصلحة أو الضغط الحضاريّ وحرية الكلمة وأصبحت الساحة العلمية مباحة لكل من هب ودب يصول فيها ويجول ألا إنها السنين الخداعة التي نطق فيها الرُّوَيْبِضة. كما أخبرنا بذلك رسولنا عليه الصلاة والسلام قبل مئات السنين.. أصرخ بأعلى صوتي قائلا: ألا إن الأمة اليوم بحاجة إلى معرفة من هو المؤهل لأن يُسأل وليس كل من تكلم في الدين أهلٌ لأن يُسأل فهل أنتم سامعون؟.. قال ابن سيرين رحمه الله كما في مقدمة صحيح مسلم: ن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. وقال ابن القيم رحمه الله: وقد رأى رجلٌ ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن يبكي فقال: ما يبكيك؟. فقال: استُفتِي من لا علم له وظهر في الإسلام أمر عظيم قال: ولَبعض من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السُّرَّاق. أقول: كيف لو رأى ربيعة زماننا هذا وإقدام من لا علم عنده على الفتيا وتوثّبه عليها ومدّ باع التكلّف إليها اللهم إليك المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بك. نسأل الله جل وعلا أن يرحم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأن يعصمها من إضلال المضلين إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين.