كشف دراسة أجراها مؤرخ عسكري عن عبقرية الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العسكرية وأنه لولا هذه العبقرية والرؤية الفذة ما كان ليبقى الإسلام ويصمد وينتشر. وأشارت الدراسة ، التي تحمل عنوان " دراسة أمريكية لعبقرية الرسول محمد العسكرية " للكاتب والمؤرخ العسكرى «ريتشارد جابريل» والذى عمل سابقا فى جهات حكومية مختلفة وخدم فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وله 41 كتابا، أنه بدون عبقرية ورؤية الرسول محمد العسكرية الفذة ما كان ليبقى الإسلام ويصمد وينتشر بعد وفاة الرسول.وتذكر الدراسة أيضا أنه وبرغم توافر الكثير من الدراسات العلمية عن حياة وإنجازات الرسول، إلا أنه لا توجد دراسة تنظر للرسول كأول جنرال عسكرى فى الإسلام. كما ترى الدراسة أنه لولا نجاح الرسول محمد كقائد عسكرى، ما كان للمسلمين أن يغزوا الإمبراطورتين، البيزنطية والفارسية، بعد وفاته. وتقول الدراسة إن النظر للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- كقائد عسكرى هو شىء جديد للكثيرين، حيث إنه كان عسكريا من الطراز الأول قام فى عقد واحد من الزمن بقيادة 8 معارك عسكرية، وشن 18 غارة، والتخطيط ل38 عملية عسكرية محدودة. تذكر الدراسة أن الرسول أصيب مرتين أثناء مشاركته فى المعارك. ولم يكن الرسول محمد قائدا عسكريا محنكا وحسب، بل ترى الدراسة أنه كان «منظرا عسكريا» و«مفكرا استراتيجيا» و«مقاتلا ثوريا». وتصف الدراسة الرسول محمد بأول من أوجد «عمليات التمرد Insurgency Warfare وحروب العصابات Guerrilla Warfare، وكذلك بأول من مارس وطبق هذه الاستراتيجيات»، على حد الترجمة الحرفية لنص الدراسة. استخدم الرسول كل ما كان متاحا من وسائل من أجل تحقيق أهدافه السياسية، واستخدم فى هذا الإطار وسائل عسكرية وغير عسكرية (مثل بناء تحالفات، والاغتيالات السياسية، العفو، والإغراء الدينى، وضحى الرسول أحيانا بأهداف قصيرة المدى من أجل تحقيق أهداف طويلة المدى).وتشيد الدراسة ب«أجهزة المخابرات» التى أنشأها وأدارها الرسول، والتى تفوقت على نظيراتها عند الفرس والروم أقوى إمبراطوريتين آنذاك. وتعزى الدراسة نجاح الرسول فى إحداث تغيير ثورى فى العقيدة العسكرية لما كان معروفا وسائدا فى جزيرة العرب، لإيمانه بأنه مرسل من عند الله، وتشير إلى أنه وبفضل ذلك نجح فى إيجاد أول جيش نظامى عربى قائم على الإيمان بنظام متكامل للعقيدة الإيديولوجية «الدين الإسلامى». مفاهيم مثل «الحرب المقدسة» و«الجهاد» و«الشهادة» من أجل الدين قدمها أولا واستخدمها الرسول محمد قبل أى شخص آخر، ومن المسلمين اقتبس العالم المسيحى «السلبى» مفهوم الحرب المقدسة، وباسمها شن الحروب الصليبية فيما بعد ضد المسلمين أنفسهم.وعلى العكس من القادة العسكريين التقليديين، لم يسع الرسول محمد لهزيمة جيوش أعدائه، بل سعى بنجاح لتشكيل جيش عربى موحد تحت إمرته هو شخصيا من هذه الجيوش جميعها. ورغم أن الدراسة تدعى أن الرسول محمد بدأ حركته العسكرية بعدد قليل من المقاتلين تستخدم فقط «الكر والفرhit and run » إلا أن هذه الأعداد القليلة وصلت لما يقرب من 10 آلاف من المقاتلين بعد عقد من الزمان عندما تم غزو مكة كما تذكر الدراسة. كما أدرك الرسول أن تحركه العسكري يتطلب لنجاحه قوات مسلحة قوية، وشعبا يدعم جيشه.وكان الرسول هو أول قائد فى التاريخ يتبنى عقيدة سياسة خلاصتها «حرب الشعب.. جيش الشعب People's War،People's Army » وذلك قبل تبنى نفس العقيدة من قبل الجنرال الفيتنامى «فونجوان جياب» خلال حرب فيتنام .ونجح الرسول فى دمج التشكيلات العربية المقاتلة التى انقسمت إلى فئتين، فئة جنود المشاة، وفئة الفرسان. كما تمكن الرسول من أن يمنح الجيش الجديد هوية جديدة ونظاما عسكريا صارما. وترى الدراسة أن المقاتلين العرب قبل الإسلام كانوا فقط يهتمون بمصالحهم المباشرة والمحدودة، فقد كان الهدف من القتال الحصول على غنائم مادية، لذا غاب عن العرب مفهوم الجيوش النظامية. وكانت الحروب فى الجزيرة العربية صغيرة محدودة متكررة. ولم يكن هناك ضابط أو رابط لتوقيت المعارك، أو موعد تجمع المقاتلين، فقد كان ينضم المقاتل وقد يغادر أرض المعركة قبل أن تنتهى إذا حظى بغنائم ترضيه. ومن أجل إصلاح هذه المعضلات، ترى الدراسة أن الرسول نجح فى بناء منظومة عسكرية للقيادة والسيطرة للمرة الأولى فى التاريخ العربى. وفى النهاية يشير الكاتب إلى أن الرسول كطفل وكشاب توارث التدريب العسكرى الذى كان ينتقل من الآباء لأولادهم. وللتغلب على ما وصفه الكاتب بالنقص المهارى، نجح الرسول فى إحاطة نفسه بمجموعة من المحاربين المحنكين الذين كان دائما يستمع لنصائحهم العسكرية.