بعد تناولها الاستراتيجيات العسكرية للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- أكدت دراسة عسكرية أمريكية أن النبي الأكرم كان أول جنرال عسكري في الإسلام. وأول منظم لاستراتيجيات حروب العصابات، والذي نجحت عبقريته العسكرية في جعل الإسلام يصمد وينتشر بعد وفاته. أعد الدراسة المؤرخ العسكري ريتشارد جابريل، الذي عمل سابقا في جهات حكومية مختلفة في الولاياتالمتحدة وخدم في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي. آي. إيه”. حملت الدراسة عنوان: “محمد.. العقلية العسكرية الفذّة للمتمرد الأول” ونشرتها مجلة “فصلية التاريخ العسكري” وهي من أقدم الدوريات المتخصصة في الشؤون العسكرية ويكتب بها نخبة من المؤرخين العسكريين الأمريكيين. وفي ترجمة عربية للدراسة، نشرها موقع “تقرير واشنطن”، التابع لمعهد الأمن العالمي وهو مؤسسة أمريكية غير حكومية لا تهدف للربح، تذكر الدراسة في مقدمتها، أنه رغم توافر الكثير من الدراسات العلمية عن حياة وإنجازات الرسول، إلا أنه لا توجد دراسة تنظر للرسول كأول جنرال عسكري في الإسلام، وكمتمرد ناجح على حد التعبير الحرفي للدراسة . وترى الدراسة أنه لولا نجاح الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام- كقائد عسكري، ما كان للمسلمين أن يغزو الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، بعد وفاته، وأنه بالنظر للرسول محمد كقائد عسكري هو شيء جديد للكثيرين، حيث إنه كان عسكريا من الطراز الأول، قام في عقد واحد من الزمن بقيادة 8 معارك عسكرية، وشن 18 غارة، والتخطيط ل 38 عملية عسكرية محدودة. وتذكر الدراسة أن الرسول أصيب مرتين أثناء مشاركته في المعارك، ولم يكن الرسول محمد قائدا عسكريا محنّكا فحسب، بل ترى الدراسة أنه كان “منظّرا عسكريا” و”مفكّرا استراتيجيا” و”مقاتلا ثوريا”. وتصف الدراسة الرسول محمد بأول من أوجد “عمليات التمرد وحروب العصابات، وكذلك بأول من مارس وطبّق هذه الاستراتيجيات”. وتشيد الدراسة ب “أجهزة المخابرات” التي أنشأها وأدارها الرسول، والتي تفوّقت على نظيراتها عند الفرس والروم أقوى إمبراطوريتين آنذاك.. وترى الدراسة أن استراتيجيات الرسول يمكن وصفها بأنها جمعت بين نظريات “كارل فون كلاوزفيتس، ونيقولا ميكيافيللي” وهما من أهم المنظّرين العسكريين في التاريخ، حيث استخدم الرسول دائما القوة من أجل تحقيق مكاسب سياسية. وتشير الدراسة إلى أن الرسول نجح في إحداث تغيير ثوري في العقيدة العسكرية لما كان معروفا وسائدا في جزيرة العرب، وأنه وبفضل ذلك نجح في إيجاد أول جيش نظامي عربي قائم على الإيمان. وتدّعي الدراسة أن الرسول كان أول ثوري في التاريخ، وقائداً عظيماً لحروب العصابات، قاد بنجاح أول تمرد عسكري حقيقي، وهي حقيقة حاضرة وبقوة اليوم في فكر الحركات الإسلامية الراديكالية التي تري الدراسة أن اقتباساتها من تراث الرسول محمد، هي أحد مصادر قوة هذه الحركات، إضافة إلى كونها نوعا من الشرعية الدينية التي تحتاجها هذه الحركات. وترى الدراسة أن التاريخ لا يوفر مادة علمية تكشف كيف درّب الرسول جيوش المسلمين على القتال، إلا أن الدراسة تؤكد أن الرسول وكبار قادته العسكريين قد قاموا بذلك.