لما تولى يزيد بن معاوية الخلافة بعث إلى واليه على المدينة الوليد بن عتبة ليأخذ البيعة من أهلها فامتنع الحسين عن البيعة وخرج إلى مكة وأقام فيها ثم أتته كتب أهل الكوفة في العراق تبايعه على الخلافة وتدعوه إلى الخروج إليهم فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليأخذ بيعتهم فطالت غيبة مسلم وانقطعت أخباره فتجهز الحسين مع جملة من أنصاره للتوجه إلى العراق ونصحه بعض أقاربه وأصحابه بالبقاء في مكة وعدم الاستجابة لأهل العراق ومنهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن جعفر وجابر بن عبد الله. كما كتبت إليه إحدى النساء وتسمى (عمرة) تقول: حدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يُقتل الحسين بأرض بابل)[5]. فلما قرأ كتابها قال: (فلا بد إذًا من مصرعي). وخرج بمن معه متوجّهًا إلى العراق وفي الطريق قريبًا من القادسية لقيه الحر بن يزيد التميمي فقال له: ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيرًا. وأخبره أن عبيد الله بن زياد والي البصرة والكوفة قتل مسلم بن عقيل فهَمَّ الحسين أن يرجع ومعه إخوة مسلم فقالوا: (والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نُقْتَل). فتابع سيره حتى وصل إلى منطقة الطفّ قرب كربلاء وكان عدد ما معه من الرجال (45) فارسًا ونحو (100) راجل إضافة إلى أهل بيته من النساء والأطفال حيث إن أهل الكوفة خذلوه ولم يوفوا بوعودهم لنصرته. فالتقى بمن معه بجيش عبيد الله بن زياد بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص وكان معه أربعة آلاف فارس وجرت بينهما مفاوضات لم تسفر عن اتفاق فهاجم جيش ابن زياد الحسين ورجاله فقاتل الحسين ومن معه قتال الأبطال واستشهد الحسين ومعظم رجاله ووُجد في جسده ثلاثة وثلاثون جرحًا وكان ذلك في يوم عاشوراء من عام (61ه) رحمه الله ورضي عنه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم بأن ابنه وحبيبه سوف يقتل على يد مسلمين فقد روى أبو أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه: (لا تُبَكُّوا هذا) يعني حسينًا فكان يوم أم سلمة فنزل جبريل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: (لا تدعي أحدًا يدخل) فجاء حسين فبكى فخلته يدخل فدخل حتى جلس في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جبريل: إن أمتك ستقتله. قال: (يقتلونه وهم مؤمنون؟) قال: نعم وأراه تربته[6]. وقد بقي هذا اليوم داميًا في قلوب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينسوه لأهل العراق الذين حضروا مصرع الحسين دون أن يدافعوا عنه ففي البخاري عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْم قَالَ: كُنْتُ شَاهِدًا لِابْنِ عُمَرَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَ: انْظُرُوا إلى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا). ............ حكم صيام يوم عاشوراء إذا صادف يوم السبت س: إذا صادف يوم عاشوراء يوم السبت فهل يجوز لنا أن نصومه؟ الإجابة لا حرج أن يصوم الإنسان يوم السبت مطلقاً في الفرض والنفل والحديث الذي فيه النهي عن صوم يوم السبت حديث ضعيف مضطرب مخالف للأحاديث الصحيحة فلا بأس أن يصوم المسلم من يوم السبت سواءٌ كان عن فرض أو عن نفل ولو ما صام معه غيره والحديث الذي فيه النهي عن صوم يوم السبت إلا في الفرض حديث غير صحيح بل هو ضعيف وشاذ مخالف للأحاديث الصحيحة.