الدستور محطة ضمن مسار طويل *** تتواصل الإصلاحات المختلفة التي أقرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ضمن مخطط بعيد المدى شمل مختلف المؤسسات والهيئات الوطنية ومختلف القطاعات والمجالات ويُنتظر أن يكون تعديل الدستور واحدا من أهم محطات هذه الإصلاحات التي يُفترض أن تنجح في تغيير شكل الجزائر نحو الأفضل. وبكثير من الهدوء تواصل رئاسة الجمهورية العمل على تجسيد مخطط شامل من الإصلاحات الجوهرية التي لم تستثن أي قطاع من القطاعات ومسّت حتى بعض المؤسسات والهيئات التي كانت معروفة بكونها (عصية على التغيير) وبعيدة عن (جراحة الإصلاحات). ورغم أن بعض الجهات كانت تحاول تخويف الجزائريين من نتائج هذه الإصلاحات إلا أن الواقع أثبت حتى الآن أن مخطط الإصلاح يجري بطريقة سلسة بعيدا عن كل التجاذبات والتشاحنات التي من شأنها تعكير الجو العام للبلاد أو عرقلة المسار الذي بدأه الرئيس منذ وصوله إلى الحكم سنة 1999. ورغم التحديات التي تفرضها أزمة انهيار أسعار النفط فإن الرئيس بوتفليقة يبدو ماضيا في محاولة مواصلة (الثورة التنموية) على الأقل من خلال إقامة بنى تحتية كبيرة واستمرار المشاريع الكبرى في مجالات السكن والصحة والتربية والتعليم العالي وغيرها.. من المصالحة.. إلى الإصلاحات إذا كان الرئيس بوتفليقة قد كرّس عهدته الأولى وجانبا من الثانية لإرساء دعائم الوئام المدني ثم المصالحة الوطنية ونجح في كسب رهان استعادة الاستقرار الأمني قبل أن يطلق مشاريعه الكبرى فإنه يبدو عازما منذ بدء عهدته الثالثة ولاسيما منذ فوزه ب(الرابعة) على تجسيد حزمة من الإصلاحات التي بدأت بسلسلة من القوانين الجديدة التي تحكم المجال التشريعي الحيوي في انتظار تتويج هذه (الإصلاحات القانونية) بتعديل (أب القوانين) وهو الدستور. وإلى جانب الإصلاحات القانونية والسياسية أجرى الرئيس بوتفليقة إصلاحات هيكلية مست العديد من الهيئات والمصالح والمديريات توجت مؤخرا بتغييرات مست دائرة الاستعلام والأمن المعروفة اختصارا ب (الدياراس). وقد أشعلت هذه التغييرات جدلا كبير قبل أن تضع رئاسة الجمهورية بشكل رسمي النقاط على حروفها حين قالت أن ما شهده (الدياراس) من تغييرات مؤخّرا يندرج في إطار (هيكل تنظيمي تمّ وضعه منذ ربع قرن). وحسب ما أفادت به رئاسة الجمهورية في بيان لها فإن هذه التغييرات وعمليات إعادة التنظيم على مستوى دائرة الاستعلام والأمن تندرج ضمن (هيكل تنظيمي تمّ وضعه منذ ربع قرن ويهدف إلى تعزيز قدرة ونجاعة مصالح الاستعلام الجزائرية وتكييفها مع التحولات السياسية الوطنية). وأضاف البيان أنه في سياق حركة إصلاحات أمنية وسياسية (واسعة) بوشرت في سنة 2011 برفع حالة الطوارئ وتنفيذ عدّة قوانين ذات بعد سياسي وهو مسار سيتوّج عن قريب بمشروع مراجعة الدستور. وأوضحت رئاسة الجمهورية أن هذه الإصلاحات شملت أيضا (كلّما اقتضى الأمر) المؤسّسات المكلّفة بالحفاظ على الأمن على غرار عمليات إعادة التنظيم التي بوشرت والتغييرات التي أجريت على مستوى دائرة الاستعلام والأمن (التي ساهمت بتفان في الحفاظ على الدولة وتضطلع بمهام ذات مصلحة وطنية كبرى وتتوفر على موارد بشرية ذات كفاءات عالية). الدستور.. محطة أخرى قبل أيام قليلة وضع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة حدا للجدل والمضاربات بشأن تعديل الدستور بعد أن روّجت بعض الجهات لإشاعات تفيد بإمكانية التراجع عنه حين أكد أنه متمسك بالتعديل الدستوري وماض فيه إلى النهاية ولم يكتف الرئيس بوتفليقة بالتأكيد بأن تعديل الدستور بات وشيكا بل ذهب أبعد من ذلك حين قدّم أهم (ملامح) الدستور المنتظر.. رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أكد أنه سيتم (الإعلان عمّا قريب عن مشروع مراجعة الدستور) مشيرا إلى أن هذا المشروع يتطلع إلى إرساء (دعائم ديمقراطية هادئة في جميع المجالات). وقال رئيس الجمهورية في رسالة له بمناسبة إحياء الذكرى ال61 لاندلاع ثورة نوفمبر 1954 (لقد تحققت بعد إنجازات كثيرة وما زال منها ما ينتظر التعزيز أو الاستكمال وذلك هو الشأن في المجال السياسي والحوكمة ذلكم هو النهج الذي يسير عليه مشروع مراجعة الدستور الذي سيتم الإعلان عنه عما قريب). وتابع الرئيس قائلا: (والأمر سواء بالنسبة للتطلع الذي يعكسه هذا المشروع أي التطلع إلى تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا وحول هويتنا وحول قيمنا الروحية الحضارية) مشيرا إلى أن الأمر (سواء بالنسبة لصدوره عن إرادة غايتها تدعيم مكانة الشباب ودوره في مواجهة تحديات الألفية) وكذلك بالنسبة للضمانات الجديدة التي سيأتي بها مشروع التعديل هذا من أجل تعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم وكذا استقلالية العدالة). (ونفس المقاربة هذه تحدو تعميق الفصل بين السلطات وتكاملها وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري) كما أوضح رئيس الدولة. وأضاف الرئيس في رسالته (وقصارى القول سيكون تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات من بين ما يجسد الرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية). في الأخير أعرب رئيس الجمهورية عن أمله في أن تسهم مراجعة الدستور هذه (في تعزيز دعائم ديمقراطية هادئة في سائر المجالات وفي مزيد من تفتح طاقات الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في البلاد في خدمة مصالح الشعب الشعب الذي هو دون سواه مصدر الديمقراطية والشرعية الشعب الذي هو الحكم الأوحد صاحب القول الفصل في التداول على السلطة).