العوامل الإيجابية تساهم في نضجه السليم دور بارز للأسرة والمدرسة في تنمية القدرات المعرفية للطفل إن مسألة العلاقة بين البيت والمدرسة لها دور أساسي ومحوري في كل فلسفة تربوية إذ أن كل الاستراتيجيات التربوية تهدف في نهاية المطاف إلى الاهتمام بخلق جيل واع منظم قادر على مواجهة الحياة. حيث إن للمحيط الاجتماعي والتربوي والاقتصادي في البيت أو المدرسة أو في الحياة عموماً دوراً حاسماً في رسم معالم شخصية الإنسان المنشودة حيث إن هذه العلاقة المتوازنة بين البيت والمدرسة تؤدي للتوازن في النمو الانفعالي والعقلي والصحي والاجتماعي في شخصية التلاميذ وتعمل على تنمية قدراتهم وتؤثر على حياتهم المقبلة وتحدد وضعهم الاجتماعي الآتي ومن هنا وجب علينا معرفة أهمية التطور النمائي بالنسبة للطفل إذ إن هذا التطور ليس حتميا أو ضروري الحصول ولهذا فإن النمو والنضج يتحددان بالنسبة للطفل في عمر معين وعوامل محيطية معينة فابن الخامسة اليوم في المحيطات الغربية قادر على إجراء عمليات حسابية لا يقدر عليها الراشدون في هذه المحيطات قبل مائة عام ولديهم من المفاهيم العلمية ما كان يجهله معلمو أجدادهم من قبل. وإذا كان بعض علماء النفس أو التربية يؤكدون على القراءة حين يأتي الوقت المناسب فإن هذه النظرة للقراءة كانت تحصل عند الطفل في سن السادسة والنصف من العمر وإن الطفل في هذه السن قادر على تنمية مهاراته الجسدية والعقلية اللازمة للسلوك المعقد الذي تتطلبه القراءة. غير أن آراء التربويين المعاصرين تتلخص بأن الاستعداد للقراءة أو الفعاليات الأخرى لا تتكون إلا مع الخبرة والنضج فالأطفال يحتاجون للخبرة لتمكينهم من القيام بالتميزات البصرية والسمعية والحركية لكي يصلوا لمرحلة الاستعداد للقراءة. وإذا لم يحصلوا على هذه الخبرات فإنه ليس بإمكانهم الوصول لهذه المرحلة من الاستعداد للقراءة فهذا الأخير لا يتكون تلقائياً وطبيعياً ومن هنا جاء في تقرير المجلس الأسكتلندي للتربية ما يلي: من المهم أن نلاحظ أن الاستعداد للقراءة لا يتكون بالطبيعة وأن الطفل الذي يعيش في قبيلة متوحشة ليس لها لغة لا يتكون عنده هذا الاستعداد للقراءة إن الاستعداد للقراءة ليس نتاج النضج وحده ولابد من القابليات والصعوبات مثل (التحصن) من الحصول على المهارة في القراءة. إن مهمة المعلم لا تنحصر في انتظار عمل الطبيعة وإن الاستعداد للقراءة هو في معظمه إنجاز قرائي في مراحله المتكررة وهكذا يتضح أن المهم ليس انتظار عمل الطبيعة وإنما العمل على تهيئة الفرص للأطفال للحصول على الخبرة اللازمة المتصلة بالتميز البصري والتنسيق الحركي والخبرة اللغوية والرغبة في القراءة والاهتمام بتعلمها وما نقوله بالنسبة للقراءة والنطق يمكن أن نسحبه على الميادين الأخرى فإذا أردنا تنمية القدرات فإن الخبرة والنضج يجب أن يتماشيا جنبا إلى جنب ومن هنا فإن مقدرة وخبرة الأطفال مجهولي النسب وأطفال الملاجئ تكون محدودة وتلحق الضرر بنمو الأطفال لحد كبير لأن الحرمان الشديد لهؤلاء الأطفال أمر غير عادي وغير ممكن الوقوع في البيوت العادية ومن هنا نؤكد على أهمية المدرسة في تأكيد عملية النمو هذه أو تحجيمها فالأطفال الذين يتربون في محيط مدرسي مستنير ينمون بمقدار يمكنهم من التكيف مع الواقع أما الأطفال الذين يتربون بمحيط مدرسي لا يطالهم إلا بالقليل فإن نموهم أقل من نمو سواهم وتقدمهم أقل من الذين يعيشون بمحيط مستنير. وهنا يجب أن نؤكد على أهمية النمو على قابليات الطفل حيث إن الأطفال يختلفون في حالاتهم النمائية وآثار الخبرة ومن هنا أيضا يجب أن نؤكد على أهمية الفروق الفردية وخاصة من الناحية العقلية حيث إن اختلاف الخبرات تؤثر في نمو الأطفال وسلوكهم فنلاحظ الاستجابات للشروط المحيطة تختلف من طفل لآخر ولهذا كانت اتجاهات النمو خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة من العمر تترك بصماتها وآثارها العميقة على شخصية الطفل في المستقبل ولهذا كان للأسرة والمدرسة دور كبير في فهم طبيعة أطفالها ومعرفة قدراتهم وقد كان من مهام الأسرة الأولى تفهم حاجات طفلها النفسية من حاجته إلى تأكيد الذات وحاجاته الاجتماعية مثل حاجته للاجتماع بالآخرين كذلك يجب على المعلم تفهم الحاجات والعمل على إرضائها ومن هذه الحاجات أيضا الحاجة للأمان والاستقرار والحاجة للمحبة وعدم القلق والحاجة للاستقلال وتحمل المسؤولية ولهذا كان على المعلم الناجح تهيئة هذه الفرص والظروف لتلاميذه. ونحن لو عدنا لمهام الأسرة الرئيسية بالنسبة لطفلها في مرحلة الطفولة المبكرة نجد أن من مهامها تعليم أطفالها المشي وتناول الطعام وتعلم النطق والكلام وتعلم ضبط إخراج الفضلات والاحتشام بين الجنسين وتكوين المفاهيم البسيطة عن الحقائق الجسدية والاجتماعية وتعلم الارتباط العاطفي بين أفراد الأسرة والتفريق بين الخطأ والصواب وهكذا لكل من الأسرة والمدرسة دورهما الكبير ومهام جسيمة في تنمية شخصية الطفل.