الفتنة الخفية اللسان.. النعمة التي قد تتحول إلى نقمة منح الله تعالى الإنسان نعماً عظيمة ومن أعظمها بعد الإسلام: نعمة النطق باللسان واللسان من أخطر الأعضاء في جسم الإنسان وهو سلاح ذو حدين: فإن استخدم في طاعة الله تعالى كان هذا شكراً لله على هذه النعمة وإن استخدم في معصية الله وطاعة الشيطان أو في تفريق جماعة المسلمين أو الكذب أو قول الزور أو الغيبة أو النميمة أو انتهاك أعراض المسلمين أو غير ذلك مما حرمه الله تعالى أو حرمه رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم كان هذا هو حرما على كل مسلم فعله وكان كفراناً لهذه النعمة العظيمة. وآفات اللسان كثيرة ومتنوعة سنذكرها باختصار وإن شاء الله نتناول كل آفة بالتفصيل لاحقا: فالآفة الأولى: الخوض في الباطل وهو الكلام في المعاصي والتحدث عنها بما يروجها بين الناس ويشيع الفاحشة بينهم. ويلحق بها الآفة الثانية: الخوض في أعراض الناس. الآفة الثالثة: الكلام فيما لا يعني وفي الحديث الصحيح: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه (رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني). الآفة الرابعة: الجدال بغير حق والمراء وفي الحديث: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه رواه أبو داود وحسنه الألباني. الآفة الخامسة: البذاءة والتكلم بالفحش وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ (رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني). الآفة السادسة: كثرة المزاح فإن الإفراط في المزاح والمداومة عليه منهي عنهما لأنه يسقط الوقار ويوجب الضغائن والأحقاد أما المزاح اليسير النزيه فإنه لا بأس به لأن فيه انبساطا وطيب نفس وكان النبي يمزح ولا يقول إلا حقا وفي الحديث: لاَ تُكثروا الضَّحِكَ فإنَّ كثرةَ الضَّحِكِ تميتُ القلبَ (رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وصححه الألباني). الآفة السابعة: الاستهزاء والسخرية بالناس مثل الغمز واللمز والتقليد الساخر للآخرين أو انتقاصهم والضحك منهم قال تعالى: ويل لكل همزة لمزة [الهمزة:1] يعني الذي يزدري الناس وينقصهم قيل: الهمز بالقول واللمز بالفعل توعده الله بالويل وهو كلمة عذاب أو واد في جهنم نعوذ بالله من ذلك. الآفة الثامنة: الغيبة وهي ذكرك أخاك حال غيبته بما كره وقد شبه الله المغتاب بآكل الميتة وفي الحديث: قال صلى الله عليه وسلم: لما عُرج بي مررتُ بقوم لهم أظفارٌ من نحاس يخمشون وجوهَهم وصدورَهم! فقلتُ: من هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال: هؤلاءِ الذين يأكلون لحومَ الناسِ ويقَعون في أعراضِهم رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني. الآفة التاسعة: النميمة وهي: نقل الحديث بين الناس على وجه الإفساد وقد أخبر النبي أن النمام يعذب في قبره. وأخبر أن النمام لا يدخل الجنة يوم القيامة فقد روى الشيخان: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة نمام) والنمام يفسد بين الناس ويزرع في القلوب الأحقاد والأضغان ويهدم البيوت ويخرب الأوطان وقد قال تعالى: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّاف مَّهِين هَمَّاز مَّشَّاء بِنَمِيم القلم:10-12. الآفة العاشرة: إفشاء الأسرار: وخاصة بين الزوجين. الآفة الحادية عشرة: الكذب وهو من قبائح الأخلاق ومن كبريات الرذائل وهو عنصر إفساد كبير ووسيلة ظلم لروابط المجتمعات الإنسانية وتمزيق لصلاتها ولأوصالها ومشعل لنيران الفتنة والعداوة والبغضاء بين الناس. ولقد نهى الله تعالى عن الكذب فقال: فَنَجْعَل لَّعْنَتُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران:61]. وفي الحديث: وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً متفق عليه وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وآية المنافق ثلاث وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان .