مُحاكمة أباطرة المجمع البترولي تتواصل.. *** *أجواء المحاكمة سادها الهدوء في انتظار المواجهة الساخنة بين المتهمين ** تواصلت أمس لليوم الثاني على التوالي محاكمة المتورطين في فضيحة سوناطراك 1 في أجواء فاترة ميزها غياب هيئة الدفاع وأهالي المتهمين وحتى وسائل الإعلام الذين اكتظت بهم قاعة الجلسات عن آخرها في اليوم الأول من المحاكمة حيث استأنف كاتب الضبط تلاوة قرار الإحالة الذي امتد إلى ساعة متأخرة من نهار أمس في انتظار أن تنطلق المواجهة الساخنة بين المتهمين اليوم على أقصى تقدير. كشف قاضي محكمة الجنايات رقاد محمد في رد على سؤال للمحامي بوشاشي مصطفى عن توقيت الشروع في استجواب المتهمين أنه سينطلق اليوم وقد أعدت هيئة المحكمة خطة من اجل ضمان السير الحسن للجلسة من خلال تقسيم عملية استجواب المتهمين حسب الصفقات المتورطين فيها حيث سيتم مناقشة كل صفقة والأطراف المتابعين فيها على انفراد ويدخل القرار في إطار تنظيم المحاكمة. هذه هي الصفقات التي كبدت سوناطراك خسارة 1100 مليار وتضمن قرار إحالة المتهمين 293 صفحة تم تلاوته بداية من الصفحة 209 حيث كشف عن جملة من التجاوزات والشبهات طالت 05 صفقات أبرمها المجمع البترولي مع شركات أجنبية وكشف عن مئات الملايير بالعملة الوطنية والأجنبية فيلا وعقارات استنزفت وهربت وحولت لفائدة أباطرة المجمع البترولي الذي تحول الى ملكية خاصة بعقود خارج القانون ظلت طيلة سنوات محل تحري من قبل القضاة. وقد كانت بداية الفضيحة بناء على معلومات وصلت إلى مصالح الضبطية القضائية عن حركة رشوة واستغلال النفوذ بمؤسسة سوناطراك لتنطلق سلسلة من التحريات توصلت إلى أن الشركة أمضت 05 صفقات مشبوهة بقيمة حوالي 1100 مليار سنتيم مع مجمع الشركة الألمانية كونتال ألجيريا فون وارك بليتاك في إطار مشروع إنشاء نظام المراقبة البصرية والحماية الالكترونية لجميع مركبات مجمع سوناطراك على مستوى التراب الوطني وان المجمع الالماني دخل السوق الجزائري سنة 2005 واستطاع بتواطؤ مع المدير العام محمد مزيان ونجليه بشير فوزي ومحمد رضا على الحصول على امتيازات غير مبررة وهذا على حساب المصلحة الإقتصادية للشركة رغم أن القانون ينص على أن المسير لا ينتفع بأي شكل من الأشكال من الصفقات التي تخص المجمع مع أي شركة. تبين من خلال التحقيق وجود اتفاق بين مزيان محمد رضا ابن الرئيس المدير العام لشركة سونطراك وأل اسماعيل محمد رضا جعفر مسير الشركة ذات المسؤولية المحدودة كونتال ألجيري على العمل سويا للحصول على مشاريع في مجال المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية عن طريق مساعدة نائب الرئيس المدير العام المكلف بنشاط المنبع بلقاسم بومدين بعدما كان يشغل منصب مدير قسم الإنتاج حيث جاء هذا الإتفاق بعد إعطاء وزير الطاقة والمناجم تعليمات ألحت على ضرورة تأمين المنشآت التابعة لشركة سوناطراك وتجهيزها بنظام مراقبة جد متطور والحماية الإلكترونية حيث قام المتهم ال اسماعيل ياقتراح من نائب المدير العام إشراك الشركة الألمانية FUNKWERK المختصة في المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية والتي يعد ابن مزيان بشير فوزري شريكا فيها ويملك 200 حصة بقيمة 2 مليون دينار إدخالها كطرف في العقد المبرم بين سوناطراك وشركة كونتال ألجيري بحكم أن هذه الأخيرة لا تملك المؤهلات المهنية والتكنولوجية لإبرام عقود مع سوناطراك في مجال نظام المراقبة البصرية حيث أشار من قبل وزير الطاقة بعد إرسالية محمد مزيان بالموافقة على إشراك الشركتين وذلك بتاريخ 28/09/2005 وسبق ذلك دراسات ميدانية عدة شهور لتحديد حاجيات المنشآت وانتهت بإعطاء تقييم مالي لحاجيات سوناطراك لتأمين منشآتها وعلى وجه الخصوص المركب الصناعي الجنوبي بحاسي مسعود كنموذج مع العلم أنه تم الإستعانة باستشارات ومكتب دراسات يضم إطارات جزائريين وجاءت الموافقة بعد أن طلب بلقاسم بومدين من مزيان محمد منحه تفويض لأجل إمضاء العقد مع المجمع الألماني ومنح في 04/06/2006 من قبل مزيان محمد إلى حساني مصطفى مدير قسم الإنتاج لإمضاء عقد بالتراضي مع مجمع كونتال فوكوارك بليتاك بمبلغ 1.960.760.816.79 دينار بتاريخ 12/06/2006 تنفيذا للتعليمات رغم أنه لم يسبق للمجمع الألماني وأن تحصل على أي صفقة في هذا الميدان وجد نفسه متحصل على الصفقة بمبلغ قدره 197 مليار سنتيم غير أنه لم يتم نشر ذلك العقد بنشرة الإعلان عن المناقصات قطاع الطاقة والمناجم طبقا لمقتضيات التعليمة 408-15 وذلك بأمر من نائب المدير العام الذي برر عدم النشر بأن ذلك العقد يتعلق بتأمين منشآت سونطراك وهو أمر سري حيث تبين من التحقيق أنه لم تحصل أي مفاوضات حول العرض التجاري الذي قدمه المجمع الألماني قبل إمضاء العقد كما هو معمول به مما يؤكد تواطؤ بلقاسم بومدين مع مزيان محمد من أجل إبرام العقد. 200 مليون دولار رشاوي مقابل تمكين سايبام من مشروع أنبوب الغاز غالسي يعتبر مشروع إنجاز أنبوب الغاز غالسي الرابط بين الجزائر وسردينيا من بين الصفقات التي طالها الفساد بحيث تحصلت الشركة الإيطالية سايبام على المشروع بطرق ملتوية وبمساعدة من الوزير السابق للطاقة والمناجم وإطارات سوناطراك الذين تحصل كل واحد منهم على رشاوي وصلت 200 مليون دولار أين أكد المتهمون من خلال تصريحاتهم أمام قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد على أن صفقة إنجاز مشروع أنبوب نقل الغاز غالسي تمت بطريقة غير قانونية وهو المشروع الذي يسمح بنقل الغاز الطبيعي من حاسي الرمل إلى إيطاليا والمقسم إلى أربعة أقسام قسمين في البر وقسمين في البحر ولذا فقد قام مجمع سوناطراك بإعلان مناقصة وطنية ودولية لإنجاز المشروع الخاص بالبر وتم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام ومنها عين جاسر تملوكة كوديت الدراوش على طول351 كم وتبين أن هذا القسم سجل تأخرا في الإنجاز بسبب غياب المنافسة في جلسة فتح الأظرفة بتاريخ 07 أكتوبر 2008. ويشير الملف إلى أن وضعية هذه الصفقة تم إبرازها في مراسلة من رئيس قسم الدراسات المكلف بالمشروع (ل. كمال) الشاهد المتوفي والمرسلة إلى نائب الرئيس المدير العام السابق المكلف بالنقل عبر الأنابيب (ش. حسين) في شركة سوناطراك وأوضح لهم أنه لا يمكن إتمام الصفقة نظرا لوجود متنافسين فقط لكن الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك محمد مزيان وافق في الإرسالية التي بعثها له نائبه بلقاسم بومدين على إتمام الاستشارة في هذا المشروع بخصوص متنافسين فقط ليتم منح شركة سايبام الصفقة مقابل امتيازات غير مبررة حصل عليها مسؤولوا سوناطراك وهي الامتيازات التي كشف عنها مسؤول شركة سايبام لدى استجوابه من قبل المحكمة الإيطالية أين صرح بأنه دفع الرشاوي عن طريق حساب بنكي أجنبي وتلقاها مسؤولون في سوناطراك وحتى وزير الطاقة شكيب خليل وتذهب تصريحات هذا الأخير إلى أنه تم دفع المبالغ المالية الكبيرة على مراحل إلى غاية 2010 وهو تاريخ اكتشاف الفضيحة في الجزائر وكل هذه الرشاوى كانت لغرض الاستفادة من 35 بالمائة من مشروع أنبوب الغاز غالسي حيث أنه بتاريخ 26 أكتوبر 2008 تم اجتماع لجنة فتح الأظرفة التقنية الخاصة بالاستشارة المحدودة للمناقصة الخاصة بالمشروع وبعد فتح عرض الشركة الفرنسية Spie CAPAG والمجمع الإيطالي سايبام ألجيريا تم تسليم العروض للجنة وتم دراسة العرضين وتحديد أجل 21 يوما للإعلان عن الشركة المتحصلة على المشروع وتم عقد اجتماع بتاريخ 23 مارس 2009 للجنة فتح الأظرفة بالمناقصة الوطنية والدولية بخصوص القسم الثالث عين جاسر/ تاملوكة وبعد فتح العروض تبين أن عرض المجمع الإيطالي والمقدر بحوالي 668 مليون دولار أمريكي مرتفع جدا ونفس الشيء بالنسبة لعرض الشركة الفرنسية وتم تحرير تقرير بخصوص عدم ملاءمة عرضهما وبالتالي عدم جدوى المناقصة لكن رغبة المسؤولين في سوناطراك لإتمام الصفقة كانت أقوى من قانون الصفقات ومن كل التقارير التي تفيد بأن عرض الشركة الإيطالية مرتفع جدا أي ب5 مرات مقارنة بسعر المشروع الحقيقي. وفي هذا السياق يشير الملف إلى أن رئيس لجنة فتح الأظرفة (ي. م مسعود) راسل نائب الرئيس المدير العام (بلقاسم بومدين) بخصوص صفقة إنجاز مشروع أنبوب الغاز غالسي وعرض عليه مجموعة من التوصيات لتسوية الصفقة ومن بينها أن يتم الاتفاق مع المجمع الإيطالي لتخفيض السعر بنسبة 40 بالمئة أو إلغاء إجراءات الاستشارة المحدودة واللجوء للمجمع الجزائري والمتكون من مؤسسات عمومية مختصة في هذا المجال غير أن ما حصل هو اللجوء للتفاوض مع المجمع الإيطالي رغم أن ذلك مخالف لقانون الصفقات بسوناطراك. صفقة إعادة تهيئة مقر غرمول ب8 آلاف مليار تبين أن لجنة دراسة العروض التقنية التي كان يرأسها المتهم أيت الحسين مولود الذي عين كرئيس مشروع ترميم وإعادة تهيئة مقر غرمول ورئيس لجنة العروض التقنية مكنت شركة الألمانية IMTECHL GMBH من الفوز بمناقصة تهيئة وترميم مقر غرمول بقيمة 73 مليون أورو أي 8000 مليار سنتيم وهو مبلغ يكفي لبناء مقر جديد وهذا بسبب إصرار الوزير شكيب خليل على اختيار مواد عالية الجودة في الترميم ورفض التخلي عن ذلك رغم أن القيمة المالية جد مرتفعة والتكاليف باهظة حسب تقارير اللجنة المشرفة على دفتر الشروط والتي لم يأخذها شكيب خليل بعين الاعتبار وأصرَ على منح الشركة الألمانية الصفقة رغم عدم أهليتها ليتم الاتصال بمكتب دراسات لتحضير للمناقصة لصاحبته المتهمة نورية ملياني قد شارك فيها 08 شركات قبل أن تنسحب ستة منها ما استدعي تأهيل الشركة المذكورة من الناحية التقنية رفقة شركة BERRY اللتين كانتا قد تقدمتا بعروض غير أن الوضعية المالية للشركة التي لا تسمح لها حسب ما ورد من تصريحات باستلام مشاريع مهمة من قبل سوناطراك التي تأكد منها أعضاء اللجنة وأبدوا تحفظات بشأنها لم تمنع المتهم من اتخاذ قرارات انفرادية وهذا بموافقة كل من المدير العام مزيان ونائبه محمد رحال شوقي محمد المكلف بنشاط التسويق لتأهيل الشركة والموافقة على عرضها رغم أن المعطيات التقنية أكدت أن الشركة غير مؤهلة حيث تم الموافقة قبل انتهاء عمل لجنة دراسة العروض الذي كان مقرر في 08/03/2009 حيث إن إلغاء الشركة المذكورة أخيرا كان سيؤول إلى إلغاء جدوى المناقصة حسب التنظيم 15-408 وهو ما لم يرده المسؤولون المتهمون وتأكد من الملف أن هذه الملاحظات رفعت في استشارة لوزير الطاقة والمناجم الذي تلقى تقريرا حول عروض الشركات المتقدمة للمناقصة بموجب إرسالية وأشر عليها في 17/07/2009 شركة IMTECH فازت بالمناقصة ولم يبق أمامكم إلا التفاوض من أجل التخفيض بنسبة 10 بالمائة أو أكثر وهو ما حصل لتحدد قيمة المناقصة كما ذكر سابقا وبعد مباشرة فرقة الشرطة القضائية تحرياتها في الملف عمل محمد مزيان على إلغاء العقد بتاريخ 16/11/2009 أي بعد مرور أربعة أشهر من عقده بعد الحصول على موافقة وزير الطاقة.