انخفض سعر برميل النفط من خام برنت يوم الثلاثاء الماضي إلى 30.43 دولارا وهو أدنى سعر له منذ منذ أفريل 2004 قبل أن يعاود الارتفاع إلى 31.75 دولارا للبرميل بزيادة 20 سنتا أو ما يعادل 0.5 في المائة وسط مخاوف من إمكانية تدهور سعره أكثر. انضمّ بنك (ستاندرد أند تشارتر) إلى كبريات بيوت المال في العالم للتحذير من إمكانية تدهور أسعار النفط إلى نحو 10 دولارات خلال العام الجاري حيث انهارت هذه الأسعار خلال العام الحالي فقط بنسبة 15 بالمائة. وكانت أسعار النفط قد تراجعت ووصلت إلى أدنى مستوى لها عام 1998 حيث وصلت إلى نحو عشرة دولارات حينها. الانهيار المتسارع لأسعار لخام برنت من 111 في أواسط عام 2014 إلى نحو 30 دولارا خلال أقل من 18 شهرا ألقى بظلال قاتمة على اقتصاد الدول التي تعتمد على صادرات النفط إلى حد كبير وعلى رأسها دول الخليج التي بادرت إلى إلغاء الدعم الحكومي لعدد كبير من السلع والخدمات. وأكّد وكيل وزارة المالية الإماراتية يونس حاجي الخوري أن الدول العربية المصدّرة للنفط تعتبر واحدة من الكتل الإقليمية الأكثر تضرّرا من انخفاض أسعاره نظرا لأن هذا القطاع هو المصدر الرئيس للدخل والذي يسيطر على نحو 80 في المائة من إجمالي الإيرادات الحكومية ونحو 49 في المائة من الناتج المحلّي الإجمالي وقال: (يؤثّر انخفاض أسعار النفط في أرصدة المالية العامة والحساب الخارجي ويؤدي إلى تباطؤ النمو). فقد وصل العجز في الموازنة السعودية لعام 2016 على سبيل المثال إلى نحو 100 مليار دولار ممّا اضطرّ المملكة إلى رفع أسعار الوقود بنسبة فاقت 50 بالمائة بالنسبة لبعض مشتقّاته وتقليص الدعم الحكومي لمجموعة من المنتجات والسلع بينها الماء والكهرباء. واستهلكت المملكة السعودية نحو 100 مليار دولار من احتياطاتها المالية خلال العام الماضي بسبب تدهور عائات النفط. وأعلن صندوق النقد الدولي في تقرير له صدر في شهر اكتوبر الماضي أن دول الخليج وعلى رأسها السعودية ستستهلك احتياطاتها النقدية خلال 5 سنوات إذا استقرّت أسعار النفط عند مستوى 50 دولارا للبرميل لكن مع تدهورها إلى 30 دولارا أو أكثر لابد أنها ستمرّ بمرحلة عصيبة خلال المرحلة القليلة المقبلة. وأشار الصندوق في تقريره إلى أن دول المنطقة خسرت ما يقدّر بنحو 360 مليار دولار من عائداتها حتى تاريخ صدور التقرير العام الفائت. ويترافق تراجع أسعار النفط مع الفوضى والاضطرابات والحروب وعدم الاستقرار في المنطقة وفي الأسواق المالية العالمية ممّا يلقي بضغوط إضافية على اقتصاديات دول المنطقة. وتقدّر الاحتياطات المالية السعودية بنحو 700 مليار دولار لكنها تتعرّض للتأكل المتسارع بسبب استهلاكه بوتير متسارعة حيث تمّ استهلاك 70 مليار دولار خلال ستة فترة أشهر العام الماضي. تراجع أسعار النفط لن تكون له تداعيات على دول الخليج فقط بل ستتجاوز ذلك إلى ملايين العمالة الأجنبية الوافدة التي تعمل فيها إذ أن التحويلات المالية لهذه العمالية تعتبر مصدر دخل للدول المصدّرة لهذه العمالة مثل مصر والسودان وباكستان والبنغلاديش.