مفارغ القمامة تمتلىء بأكياسه آفة تبذير الخبز تتواصل عبر الشوارع يمثل الخبز واحدا من المواد التي تتقدم قائمة المواد المستهلكة في الجزائر فهو الغذاء الاساسي لمعظم الأسر ولكن المفارقة تكمن في أن الجزائريين لا يولون أي اعتبار لهذه المادة فعند مرورك بأماكن رمي القمامة تجد أكواما من الخبز ملقاة هنا وهناك متجاهلين قيمة تلك النعمة وبتنا نراها حتى بمحاذاة مفارغ القمامة. ي.آسيا فاطمة مشهد رغائف الخبز وهي ملقاة في الطريق يندى لها الجبين فحتى في القرن الواحد العشرين لازلنا نشاهد تلك المناظر التي لا تمت للتحضر بصلة وهذا المشهد لا تستثنى منه لا الأحياء الراقية ولا الفقيرة وأصبح منتشرا في كل مكان. رمي الخبز بمحاذاة القمامة! قد يحتار المتجول في كمية الخبز الملقاة على الطرقات بكميات كبيرة جدا حتى يخيل لك أن هذه المادة ليس لها أدنى احترام لدى الجزائريين فقد أصبح الخبز مساويا للقمامة في زوايا الشوارع ونجد أكياسا مليئة بالخبز تلقى بالقرب من حاويات القمامة والغريب أنك تصادف في بعض الأحيان أن الكيس الواحد بداخله أكثر من (خبزة) واحدة و كأن الناس يشترون الخبز لرميه فيما بعد وهذا ما دفع بنا لسؤال البعض ممن التقيناهم عن سبب تصرفهم بهذا الشكل ووجهتنا كانت إحدى المخابز بالعاصمة وهناك صادفنا سيدة قالت لنا(الناس كثر جشعهم وابتعدوا عن القناعة وأصبحوا يشترون الخبز بكميات أكبر وأضحت أكياس القمامة تأكل أكثر من بطونهم) أما شيخ فقد قال: (لقد صرنا في زمن تأكل فيه الناس بعيونها قبل بطونها فالجشع صار ميزة الأغلبية) أما صاحب المخبزة فقال: (لقد أصبحنا في زمن كثر فيه المبذرون فالناس يشترون الخبز بكميات أكبر من كمية استهلاكهم له لذلك نجد الخبز ملقى على الطريق). انعدام الجودة حجّة المبذرين قد يعوز البعض سبب تبذير الناس للخبز بهذا الشكل لجودة ونوعية الخبز الذي يباع في المخابز فهذا ما يدفعهم لشراء كميات كبيرة منه نظرا لكون النظام الغذائي في الجزائر قائم على العجائن كشكل أساسي حال كافة البلدان المطلة على المتوسط ولكن المفارقة تكمن في أن الخبز الذي يباع في الجزائر ليس بالجودة المطلوبة وهذا ما أخبرنا به السيد مالك إذ قال: إن الكثيرين يجدون أنفسهم مجبرين على شراء كميات مضاعفة من الخبز فالخبز الذي نشتريه في الصباح لا نستطيع تناوله في المساء بسبب فقدان صلاحيته للاستهلاك بسبب النوعية الرديئة التي يعرضها بعض الخبازين والمواطن مبذر لذلك فنحن ندور في حلقة مفرغة بين الخباز والمواطن المبذر).
الإسلام ينهى عن التبذير مما لا شك فيه أن الدين الإسلامي نهى عن التبذير كما أن عاقبة المبذرين هي وخيمة فقد شددت تعاليم الدين الحنيف على إحترام النعم وعدم تبذيرها وللكتب والسنة نصوص عدة في هذا المجال كما أن الإسراف ورمي كميات معتبرة من الخبز في القمامة في وقت لا يجد الكثيرون قوت يومهم يعد سلوكا بعيدا عن أخلاق الإسلام ومبادىء الإنسانية وسلوك التحضر لذلك وجب على أفراد المجتمع إعادة النظر في حجم استهلاكهم اليومي لهذه المادة و مراقبة طريقتهم في التعامل معها لأن تبذيرها يعد ذنبا يتغاضى عنه الكثيرون دون وعي منهم بالرغم من إدراكهم المسبق لموقف الدين الإسلامي من الإسراف ورمي النعم فالإنسان المسلم كما سبق لا يكون عبدا صالحا إلا إذا تخلق بخلق كريم وابتعد عن السلوكيات غير المستحبة وغير الحضارية لأن الجزاء كما يقال من جنس العمل ونعم الله علينا ما هي إلا اختبار لمدى امتثالنا لأوامره في التعامل معها.