يقذفون إلى القطاع الخاص فيصطدمون بالأسعار الخيالية الموت مصير الزوالية في المستشفيات الجزائرية لا يختلف اثنان أن قطاع الصحة في الجزائر وعلى الرغم من الإصلاحات لازال مريضا ويحتاج إلى إصلاحات أخرى من أجل إنقاذ حياة المرضى الذين اختلفت أعراضهم وكذا درجة آلامهم خاصة المصابين بأمراض خطيرة على غرار مرضى السرطان لاسيما مع انتشار أنواع خطيرة من السرطان في الجزائر وارتفاع إحصائياته التي باتت مرعبة للغاية وتعد بالآلاف سنويا ناهيك عن ظهور بعض الأمراض النادرة في الجزائر والتي تحتاج إلى رعاية كاملة لكن يبدو أن كل هذه المعطيات لم تحرك القائمين على القطاع وتواصلت سيناريوهات قذف المرضى هنا وهناك وللأسف ومنهم حتى من بلغهم الموت بعد أن زادت وضعيتهم سوءا من جراء المعاملة التي يتلقونها في بعض المستشفيات إن لم نقل أغلبها. نسيمة خباجة (روح وولي بعد ستة شهور) (البلاصة مكاش) (الماتريال أومبان) (خلاص كملنا عاود ولي السمانة الجاية) (هاذ التحاليل مكاش روح ديرها في البريفي) هي عبارات اخترنا أن نعبر عنها بالعامية من أجل إيصال وقعها إلى الكل خاصة المسؤولين الأولين عن القطاع فتلك العبارات زادت من توتر المرضى وقلقهم بل زادت من عذابهم بالإضافة إلى أمراضهم المستعصية التي نخرت أجسادهم فالمستشفيات الجزائرية صارت مرآة عاكسة للتسيب والإهمال والفوضى وانعدام النظافة وسوء المعاملة و...و ... و...وبحيث لا يسعنا المقام إلى ذكر كل المشاكل التي تتخبط فيها مستشفياتنا ويكون المشكل الأصعب والأعوص هو تأخر المواعيد الطبية التي أثقلت كاهل المرضى وقذفتهم إلى مصير مجهول لاسيما (الزوالية) الذين ليس لهم القدرة على مداواة أعراضهم في القطاع الخاص بالنظر إلى التهاب الأسعار هناك خاصة وأن بعض العيادات الخاصة صارت صفقاتها تجارية أكثر من كونها مؤسسات استشفائية ترعى مصالح المرضى في توفير العلاج اللازم والاستقبال الحسن فالكثيرون يرون أن الوضع السائد هو نفسه سواء في المستشفيات العمومية أو العيادات الخاصة والفرق بينهما أن الأولى تقذفك بصفة مجانية والأخرى تستقبلك وتنظر إلى جيبك قبل النظر إلى أعراضك المرضية وللأسف.
فقد بصره ولم يرحموه هي قصة مؤثرة جدا لشيخ في العقد الثامن أصيب بمرض على مستوى عينيه وهي المياه البيضاء أو كما تعرف الكتاركت والتي من الممكن جدا أن تؤدي إلى فقدان البصر المؤقت لكن الوجه الإيجابي أن عملياتها صارت ناجحة جدا في الجزائر إلا أن الأمر السلبي هو العزوف عن استقبال المرضى كما جرى للشيخ الذي ضحّى بالنفس والنفيس في سبيل الوطن ليصدّه بني جلدته في يوم عجزه كما عبر لنا قصة الشيخ أنه فقد البصر بسبب الكتاركت كما ذكرناه آنفا إلا أنه وبعد أن وفد إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي تم صدّه من طرف عون مصلحة طب العيون الذي تحوّل في ذلك اليوم وكأنه (مدير) للمستشفى وليس عونا وأمره بجلب وصفة من عند طبيب أو عيادة عمومية من أجل الكشف عنه هناك فهي العبارات التي تتردد على أفواه أعوان الأمن لصد المرضى لكن الشيخ المسكين وهو على ذلك الحال الحرج وفد إلى عيادة برويسو تشمل فرعا لطب العيون وهو يتابع خطواته بتثاقل وصعوبة - بعد أن فقد نور عينيه- وقع ما لم يكن في الحسبان بحيث تم استقباله من طرف العون بمصلحة الاستقبال وكان يظن أنه سوف تُمنح له فرصة الكشف في الحال إلا أن ذلك العون أخبره أن الموعد بعد شهر كامل وهو على ذلك الحال فكيف له أن يصبر شهرا كاملا بعينين مفتوحتين لكن مغمضتين عن النور! لم يتمالك الشيخ نفسه وعبر بالقول يا للخسارة هل هو الوطن الذي ضحينا عليه بالأمس؟! ومن شدة غضبه خرج ولم يحجز موعدا خاصة وأنه على يقين أن المستشفى ستمنحة موعدا بعيدا دون شك خلال شهور طويلة هنا أتى دور الوساطات فالوساطة أو (المعريفة) صارت قانونا في مستشفياتنا وبعد ركض تمكن أبناء الشيخ من إعادته إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي وأجريت له عملية على عين واحدة وكللت بالنجاح وحمد الله كثيرا لكن تأسف على وضعية المستشفيات فما مصير الزوالية ممن لا يملكون المعريفة؟ هي عينة حقيقية وقفنا عليها نحن كذلك فأقرأ يا وزير الصحة ما يجري بقطاعك! واقرأ يا مدير مستشفى مصطفى باشا الجامعي الوضع الحقيقي لأكبر قطب استشفائي في الجزائر!.
البراءة أيضا تعاني بالمستشفيات الجزائرية الأطفال هم أيضا عنوان للمعاناة والعذاب عبر المستشفيات الجزائرية ما يظهر من الحالات المستعصية التي تظل تعاني من مختلف الأمراض على غرار السرطان خاصة وأن الكثير منهم يحتاجون إلى عمليات جراحية مستعجلة قد تساوي تكلفتها مئات الملايين وحتى الملايير لكن المستشفى التي تعجز عن تأدية أبسط خدمة في العلاج أو بالأحرى تعرقل الوصول إلى العلاج! نشك أن توفر تلك العمليات باهظة الثمن لأطفال نخرت أجسادهم الأوجاع ويكون مصيرهم الجمعيات ومواقع التواصل الاجتماعي و(ناس الخير) الذين لا يدخرون جهدا للتضامن مع هؤلاء وكفكفة دموعهم لتبقى الطفولة تتحمل جزءا من التسيب والإهمال الطاغيين على أغلب المستشفيات وهو ما وقفنا عليه بمستشفى بني مسوس الجامعي بحيث وفي مصلحة طب العيون كان أحد الآباء يتوسل العون من أجل تعجيل الكشف لابنته الصغيرة التي تعاني من أوجاع على مستوى عينيها إلا أن العون رفض وقال إن كثرة المواعيد لا تمكنه من ذلك وأن الموعد لا يكون إلا بعد ستة أشهر تقربنا نحن أيضا لأخذ موعد فأخبرنا أنه لا يكون قبل ستة أشهر وكأنّ العون حفظ تلك المدة عن ظهر قلب فما كان علينا إلا حمل الوصفة ومغادرة المكان في الحين فهل يدري العون أنه خلال مدة ستة أشهر قد تتعقّد وضعية المريض أكثر فأكثر ويكون الأمر صعبا على الطفل الصغير وحتى على الشخص الكبير فالمرض لا يحتاج إلى تأجيل لأن التأجيل يحمل الكثير من الأخطار على صحة المرضى. قذف علني إلى القطاع الخاص الصد الذي يُواجه به المريض على مستوى المستشفيات العمومية من شأنه أن يقدف به إلى العيادات الخاصة لا محالة خاصة وأن بعض الأوجاع لا تقبل التأجيل حتى ليوم واحد فما بالنا لعدة شهور فالأغنياء لا إشكال لديهم في ذلك ومتوسطو الدخل يندبون حظهم من أجل تدبير جزء من المال من أجل مداواة أعراضهم بالعيادات الخاصة لكن المشكل يكمن في الطبقة الكادحة الفقيرة أو (الزواولة) الذين يفتك بهم الفقر والمرض بحيث يتوجهون إلى مستشفى عمومي فيتم قذفهم بكل سهولة لأنهم زواولة ومرضى فالفقر أضعفهم أمام من حولهم وزادهم المرض ضعفا فكان يسيرا أن يُدهسون بالأقدام ويُطردون شر طردة من مستشفيات عمومية لهم الحق كجزائريين في العلاج على مستواها لكن لا ندري من كان وراء تأجيل مواعيدهم لشهورأهو راجع إلى تعنت الأعوان أم بيروقراطية المستشفيات وانتشار المعريفة عبرها وحتى الرشاوي وللأسف ونرى نحن أن الأسباب مشتركة في تعذيب المرضى وقذفهم إلى القطاع الخاص الذي ألهب الجيوب فمن استطاع العلاج هناك شُفي ومن لم يستطع توفير تلك المبالغ من أجل العلاج يكون مصيره الموت بعد تعقّد حالته أكثر فأكثر بسبب مضاعفات المرض.
خلاصة القول النقطة المثارة هي شائكة وتحمل آلاف العينات بحجم المعاناة التي يتكبدها المرضى من مختلف الشرائح أطفال شباب شيوخ عجائز فهي فعلا معاناة حقيقية بسبب طول مدة المواعيد وعامل (المعريفة) من دون أن ننسى الفرضيات الصارمة التي تُملى على المرضى بحيث يُؤمرون بجلب وصفات من خارج المستشفى من أجل العلاج بالمستشفى وهنا نطرح التساؤل لماذا وُضعت مصلحة الاستعجالات وتم تجهيزها بالموارد البشرية والعتاد الطبي ليقذف المريض وهو في حالة مستعصية إلى خارج المستشفى فهذا الإجراء الضروري لا يتقبله لا العقل ولا المنطق فالمريض لو كانت له القدرة على العلاج عند طبيب خاص لما لجأ إلى مستشفى عمومي يتيقن منذ أول خطوة أنه سوف يعاني الأمرين عبره فهده الفرضية وجب إعادة النظر فيها من طرف أصحاب القرار كما على الوزارة وضع لجان لرقابة المستشفيات بطريقة خفية والتقرب إلى المصالح وسماع شكاوي المرضى الذي يُندى لها الجبين ففعلا معاناتهم حقيقية عبر المستشفيات فحتى بعض الأصحاء صرحوا أنه في حالة ما إذا ابتليوا بمرض مستعص لقدّر الله فإنهم سيصبرون على أوجاعه ولا ينطلقون في العلاج إلى أن يبلغهم أجلهم أو كما يقولون: (إن شاء الله ما نمرضوش في الدزاير) بسبب ما هو جار كما رأوا أن ذلك أحسن من الموت البطىء عبر المستشفيات.