بقلم: ماهر أبو طير* تشير تقديرات إلى خسائر العالم العربي مما يسمى الربيع وصلت إلى 833 مليار دولار فيما الخسائر جراء الإرهاب والحرب على الإرهاب وصلت إلى 200 مليار دولار. يتم طرح هذه الأرقام للدلالة على أن الربيع العربي كان مكلفا جدا وأن الإرهاب أيضا دمر المنطقة لكن التوظيفات للأرقام تقف عند حدود الخسائر فقط ولا تذهب إلى تحليل جذر الثورات ودوافعها وجذر ما يسمى الإرهاب ودوافعه لأن هذا التحليل سيأخذنا إلى معالجة أخرى تماما. الكلام عن كلفة الربيع العربي وعن كلفة الإرهاب عبر كلفة الأرقام فقط وعزل هذه الكلف عن السياقات يراد عبر القول للناس أنهم تسببوا مع أطراف أخرى بخسائر كبرى في منطقتهم وهي خسائر لا يحسب معها كلفة إعادة الإعمار في دول عربية كثيرة ولايحسب معها سيناريوهات التشظية والتقسيم الوجدانية الحالية والجغرافية لاحقا. لكن هل أدت هذه الخسائر إلى تراجع دول عربية غير مصابة بداء الربيع العربي أو الإرهاب عن سياساتها الداخلية تحوطا من الوقوع في هكذا أفخاخ تؤدي إلى تدمير اقتصاديات تلك الدول وجعلها تدفع ثمنا باهظا.!. على الأغلب فإن معظم الأنظمة السياسية العربية ارتاحت إلى ذعر الإنسان العربي من فكرة الثورة أو الربيع العربي أو التورط في الإهاب باعتبار أن هذا الإنسان يرى ما يحدث من كلف دموية وخسائر مالية وغير ذلك وهي كلها كفيلة وفقا للمطابخ الأمنية بردعه عن أي تورط في فوضى أو ثورة أو تنظيم هنا أو هناك ومع هذه الراحة لم تفكر أغلب الأنظمة السياسية العربية في تغيير بنيتها الداخلية أو تجديدها باعتبار أن لا داعي لذلك فالناس في قمة الخوف وخياراتهم إما ثورات دموية أو أنظمة متسلطة دكتاتورية. هذا يكشف الجانب التسلطي لدى بعض الأنظمة فبدلا من استثمار المناخ لمصالحة الشعوب ورد حقوق الناس ومعاملة الناس وفقا للحقوق والواجبات وإشاعة العدالة استفادت أنظمة كثيرة مما جرى في الدول غير المستقرة لإيصال رسالة إلى شعوبها إن هذا هو مآلكم لو طالبتم أو تورطتم في الإرهاب تعبيرا عن غضب أو موقف. أكثر الدول التي تحتفي بأرقام خسائر الربيع العربي والإرهاب هي الدول التي لم يصلها ربيع عربي ولا إرهاب لأنها عبر الأرقام تدير الخوف في قلوب الشعوب وتبث في وجدانهم أنهم سوف يخسرون كل شيء وكل ذلك يأتي بدلا عن وصفة الحل الغائبة أي توظيف الأرقام والدموية من أجل الدخول في الطريق الثالث أي رفع المظالم ومصالحة الشعوب وتحصين هذه الدول والشعوب بطريقة أخرى غير تعظيم الخوف من الخسائر.