1- رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ هذه دعوة أصحاب الأعراف ((والأعراف: موضع بين الجنة والنار يشرف على كل منهما وليس هو موضع استقرار وإنما هو موضع أناس تساوت حسناتهم وسيئاتهم يمكثون فيه مدة كما يشاء اللَّه ثم يدخلون الجنة وفي ذلك حكم نبَّه اللَّه تعالى عليها ...))([]). وقد ذكر اللَّه دعوتهم في قوله: [وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ] أي: وإذا صُرفت أبصار أصحاب الأعراف حيال وجوه أصحاب النار رأوا منظراً شنيعاً في تشويه اللَّه تعالى لهم وهَوْلاً فظيعاً في ما هم فيه فتضرّعوا إلى اللَّه ألاّ يصيبهم ما أصابهم فقالوا: (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ): سألوا اللَّه تعالى أن يُعيذهم من سوء حال الظالمين في النار وهذا يدلّ على شدّة العذاب المحيط بهم والعياذ باللَّه تعالى: ((وفي وصفهم ب(الظلم): دون ما هم عليه حينئذ من العذاب وسوء الحال الذي هو الموجب للدعاء إشعارٌ بأنّ المحذور عندهم ليس نفي العذاب فقط بل مع ما يوجبه ويؤدي إليه من الظلم))([]) دلالة على سوء هذا الوصف المهين. ولما كان اللَّه تعالى ((قد قضى أنّ أصحاب الأعراف سيدخلون الجنّة جعل الطمع والرجاء في قلوبهم والدعاء أن يجيرهم من النار ولا يجعلهم مع القوم الظالمين في ألسنتهم والدعاء مع الرجاء والطمع لا تتخلف عند الإجابة)). فالمؤمن ينبغي له أن يلازم سؤال اللَّه تعالى ألاّ يجعله مع القوم الظالمين في الدنيا ولا في الآخرة فينبغي له أن يفارقهم ولا يجاورهم في الدنيا حتى لا يحوطه من العذاب ما يحوطهم كما قال تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً). وحتى لا يكون معهم في الآخرة لما هم فيه من سوء المكان من العذاب المهين فالنجاة في الابتعاد عنهم والتمسك بصراط اللَّه تعالى المستقيم.