الظلم من الذنوب العظيمة التي حرمها الله سبحانه وتعالى على عباده، قال تعالى (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) سورة إبراهيم الآية 42، وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من دعوه المظلوم حيث أنها ليس بينها وبين الله حجاب وتفتح لها أبواب السماء. قال الدكتور عبد الفتاح عاشور أستاذ التفسير بجامعة الأزهر إن النجاة من الظلم فضل كبير ومكرمة ومنة من الله تعالى على عباده، ولذلك حث القرآن الكريم على اللجوء إلى الله تعالى والتضرع والدعاء أفضل الطرق للنجاة من الظلم، مشيراً إلى أنه وردت آياتٌ كثيرة في القرآن الكريم بها دعاء النجاة من الظلم، منها قول الله تعالى (قل رب إما تريني ما يوعدون، رب فلا تجعلني في القوم الظالمين، وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون) سورة المؤمنون الآيات 93-95، حيث جاء في تفسير هذه الآيات، أنه لما أقام الله تعالى على المكذبين بالحق، أدلته العظيمة، فلم يلتفتوا، ولم يذعنوا لها، فحق عليهم العذاب. كما أشار الدكتور عبد الفتاح عاشور، وفقاً ل(الاتحاد)، إلى قول الله تعالى في سورة المؤمنون (فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا، فإذا جاء أمرُنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون، فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين) الآيتان 27-28، حيث أوحى الله تعالى إلى نبيه نوح أن يصنع السفينة لتكون سببا للنجاة، عندما يأتي الطوفان، الذي عُذب به القوم الظالمون، فإذا فارت الأرض وتفجرت عيونا، أمر الله تعالى نبيه نوح أن يدخل في الفلك، من كل جنس من الحيوانات ذكرا وأنثى للحفاظ على نسل سائر الحيوانات، التي اقتضت الحكمة الربانية إيجادها في الأرض بالإضافة إلى أهله، إلا ابنه الذي عصاه. الأعراف وأوضح الدكتور عاشور أن دعاء النجاة من القوم الظالمين ورد في قوله تعالى (وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون، وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين" سورة الأعراف الآيتان 46- 47، حيث تتحدث الآيات عن أصحاب الجنة وأصحاب النار، بأن بينهما حجاباً يقال له الأعراف (مكان بين الجنة والنار يشرف على الدارين وينظر من عليه حال الفريقين) وعلى هذا الحجاب رجال يعرفون كلاً من أهل الجنة والنار بعلاماتهم يميزون بها، فإذا نظروا إلى أهل الجنة ينادونهم ويحيّونهم ويسلمون عليهم وهم لم يدخلوا الجنة بعد، لكنهم يطمعون في دخولها وإذا انصرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار رأوا منظرا شنيعا وهولا فظيعا فيستجيرون بالله من حالهم ويدعون الله تعالى. وبيَّن أستاذ التفسير بجامعة الأزهر أن النبي صلى الله عليه وسلم، يحذر أصحابَه من ظلم الناس لأن المرء يوم القيامة يُحاسب عن كل صغيرة وكبيرة ويجب على المؤمن أن يحرص على براءة ذمته من حقوق الآخرين وأن يتحلل منها قبل يوم القيامة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهم إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحُملت عليه). عواقب الظلم وأشار إلى أنه جاء نهي شديد عن الظلم وعواقبه وتحريمه في الحديث القدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن ربه سبحانه وتعالى أنه قال: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا.. يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي، إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا، فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه). واختتم الدكتور عبد الفتاح عاشور أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، بكلامه إن الإنسان يظلم نفسه بالمعاصي والذنوب ويكون تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وستره وقبل توبته قال تعالى عن نبي الله موسى عليه السلام: (قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم) سورة القصص الآية 16. * النبي صلى الله عليه وسلم، يحذر أصحابَه من ظلم الناس لأن المرء يوم القيامة يُحاسب عن كل صغيرة وكبيرة ويجب على المؤمن أن يحرص على براءة ذمته من حقوق الآخرين وأن يتحلل منها قبل يوم القيامة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهم إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحُملت عليه).