قال الإعلامي المصري الشهير عماد الدين أديب، الشقيق الأكبر لمثير المشاكل عمرو أديب، إن الزعيم الأكبر الذي ينشده جميع المصريون الآن هو الأمان، مشيرا إلى أن ما يحدث هذه الأيّام في مصر جعل المصريين يفتحون أعينهم على حقيقة نعمة الأمن والاطمئنان التي كانوا يحيونها· وربما كان هذا الجزء من كلام أديب هو الجزء الوحيد الذي اتّفق معه المصريون وغيرهم من العرب، فقبل هذا الكلام وبعده غرق الإعلامي المصري الكبير في التنظير لمصلحة حسني مبارك الذي خصّه قبل فترة بحوار مطول، وقال للمصريين إن مطالبهم مشروعة لكن التغيير ينبغي أن يكون عبر صناديق الانتخاب، وكأن صناديق الانتخاب تحترم فعلا ما يريده المصريون·! الأمان هو فعلا ما يريده المصريون وغيرهم يا عماد الدين، لكن هل الغلابة الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين برحيل مبارك ومعلنين أنهم لن يعودوا إلى بيوتهم حتى يرحل مبارك من بيتهم الكبير هم المسؤولون عن قلّة الأمن المشهودة بشوارع مصر أم أن المسؤولية يتحمّلها بوليس مبارك الذين اختفوا بسرعة البرق من الشوارع؟ وهل يتحمّل مسؤولية الانفلات والفوضى شعب مصر الثائر على الرئيس أم رئيس مصر الرّافض لمطلب الشعب الأساسي المتمسك بالكرسيّ؟ وحتى لو افترضنا أن الشعب المصري على خطأ وهو يطالب الرئيس مبارك بالرّحيل، فإن على هذا الأخير أن يلبّي في النّهاية مطلب الشعب، خصوصا وأن الذين يرفعون شعار ارحل يا مبارك ليسوا بضعة آلاف ولا بضعة ملايين وإنما عشرات الملايين، والمسيرات المليونية التي شهدتها العديد من المدن المصرية أقوى من أيّ انتخابات يمكن تنظيمها· لقد دفع المصريون من دمائهم فاتورة باهظة حتى الآن، ويبدو أنهم على أتمّ الاستعداد لتقديم مزيد من الدماء والتضحيات لتحقيق ما يريدونه من مكتسبات، ورحيل مبارك يبدو الوسيلة الوحيدة لحقن تلك الدماء الغالية·