بقلم: جمال نصرالله** هل أدرك العرب شعوبا وحكومات بأنهم يعيشون أمسا واليوم في كنف المعادلات الصعبة والتي لن تمكنهم من الخروج من عنق الزجاجة تسليما بفكرة خيارين لا ثالث لهما هما يا إما الامتثال لإملاءات الغرب وإما العيش في عزلة تامة والانغلاق على النفس ومن ثمة العودة إلى العصور البدائية والتنفس مع الموت البطيء؟ فهم محاصرون من كل حدب وصوب وثرواتهم لاوقع لها ولا رواج إلا برضى وموافقة أصحاب الحل والعقد. لقد انتظر العرب ساعة يستشمون فيها هواء لتحقيق طموحاتهم دونما الاعتماد على الغير. وفعلا جاءت تلك اللحظة وبطريقة فجائية بفضل مكافح يسمى محمد البوعزيزي الذي التصقت وانجرت وراءه الملايين الناقمة على دولها وحكامها لكن لم يدركوا أن حصاد هذه الإانتفاضة ستصل ليد الكثير من الخونة والذين تمتليء بهم كبريات المدن والمداشر العربية لأن سايكس بيكو الأولى أوجدتهم وصنعت لهم أمكنة مرموقة وحين رأوا بأن دخانا سوف يعصف ببيوتهم قرروا الاحتماء بسايكس بيكو ثانية وربما ثالثة ورابعة فقط يقام هذا ويحدث بتغيير الوجوه أما الفاعلين الحقيقيين فهم كثر سواء من داخل البلاد العربية أو خارجها. والآن مالذي أوجدته لنا مصطلحات دخيلة غريبة كالتبعية والعالم ثالثية والإمضاء على كثير من الاتفاقيات كرها غير أنه العالم مزرعة مسيرة من طرف عصبة تطلق على نفسها صفات العظمة والعصمة ؟ لأن الاقتصاد لن يكون قويا ويعود بالفائدة على صاحبه إلا بسياسة أقوى منه تملي عليه حقيقة قانون الغاب؟ هذا تقريبا ما نستطيع رسمه الآن ونحن بين دفتي واقع مر وقذر يسمى بالثورات المضادة في كل الدول التي شهدت تغييرات جذرية على مستوى الإطاحة بزعماء عاثوا بشعوبهم فسادا...فليبيا ليست أحسن من اليوم وكذلك مصر واليمن وسوريا نتيجة تكالب الصقور على جثث حية تعمل على إعادتها للحياة لكن بقطع أهم أعضائها والرمي بها في المزبلات فالذي يخاف من حياة الضعيف يريحه ذلك ولكن شريطة أن يكون بلا مقومات وأحاسيس تمكنه من الحياة من جديد وإحداث البلبلة والقلق؟ الذين أطلقوا مصطلح العالم قرية صغيرة كانوا يدركون جيدا بأن قوانين الكون تصب في صالحهم.وأن التحكم في الطبيعة هو أهم من التحكم في البشر لذلك أداروا العالم قرابة القرن وأزيد بقبضة من حديد. وعليه لم تكن عيونهم صاغرة عن كل شاردة وواردة. بل يعرفون حتى مواقع وجحور الطير والزاحف... فسايكس وبيكو اللذان هم فرنسا وبريطانيا هما في نظر الغرب طفرة حية يمكنها الحياة وزرع جيناتها وتوريثها بتدرج غير ملحوظ عبر كل الأجيال والسبب هو أن العقل الأوروبي بالخصوص هو الفانوس الذي لاينام...يلد ويولد كثعبان أسطوري أبدي لايجدد إلا جلده الخارجي ...أما العرب ومن يشبههم في أحوالهم فهم تحت وقع التخدير حتى ساعة أخرى ؟ وإلا مالذي جعلهم منفعلين..عفوا ..... متفاعلين هكذا حتى من تغيير لون ورق المسح في المراحيض.