الشيخ هاني حلمي إن العلاج لكثير من مشاكلنا الإيمانية كالفتور والانتكاس والتردد والتذبذب وتخطف الفتن يتمثل في شكر نعمة الله عز وجل .. وللشكر مقام عظيم يغفل عنه الكثير ولا يقوم به إلا القليل .. ووالله إنه لسبب كل خير فالنعم تزيد بالشكر وتحفظ من الزوال بالشكر قال تعالى {وَإِذ تَأَذَّنَ رَبّكم لَئِن شَكَرتم لَأَزِيدَنَّكم وَلَئِن كَفَرتم إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7] والشكر واجب من الواجبات التي تأثم على تركها .. قال تعالى {فَاذكرونِي أَذكركم وَاشكروا لِي وَلَا تَكفرونِ} [البقرة: 152] .. عندما يعطيك الله النعمة ولا تشكره عليها فهذا ذنب لا ننتبه له. وهو الغاية من الخلق .. قال تعالى {وَاللَّه أَخرَجَكم مِن بطونِ أمَّهَاتِكم لَا تَعلَمونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكم السَّمعَ وَالأَبصَارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكم تَشكرونَ} [النحل: 78] الشكر يكون بثلاثة أمور: 1) الاعتراف بالنعم باطنًا .. 2) التحدث بها ظاهرًا .. 3) تصريفها في طاعة الله. وتمام الشكر بالعجز عن الشكر .. كما قال موسى عليه السلام (يا رب .. إن أنا صليت فمن قبلك وإن أنا تصدقت فمن قبلك وإن أنا بلغت رسالاتك فمن قبلك فكيف أشكرك ؟) .. فقال الله تعالى لموسى: الآن شكرتني. فعليك أن تعدِد نعم الله عليك حتى تستشعرها .. واجعل لذلك دفترًا تقيد فيه النعم وسمِّه كشكول النعم .. قال تعالى {وَإِن تَعدّوا نِعمَةَ اللَّهِ لَا تحصوهَا ..} [النحل: 18] الشاكر يرى كل شىء حوله نعمة فكم نعمة ستكتب؟؟ ومن كنوز الشكر .. 1) الدافع المتجدد فى الطريق إلى الله .. قال تعالى {إِنَّا هَدَينَاه السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفورًا} [الإنسان: 3] .. فلن تستطيع أن تسير في الطريق ولن تتوافر لديك الطاقة المتجددة إلا بالشكر .. العبد الشاكر الذي يشعر بقيمة النِّعمة طوال الوقت هو الذي سيكون عنده طاقة متجددة دائمًا ليسعى في كل خير .. أما الجاحد فلا يقدِّر نعمة الله عليه مما يؤدي إلى انقطاعه. 2) العمل الوحيد الذي أطلق الله جزاءه دون مشيئة .. فجزاء أي عمل من الأعمال يترتب على مشيئة الله سبحانه وتعالى إلا الشكر فجزاءه يكون في الحال .. قال تعالى {.. وَسَيَجزِي اللَّه الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] .. {.. وَسَنَجزِي الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 145] .. ولم يقل الله (إن شاء) فلو شكرت ستحصل على الجزاء فى الحال .. فسبحان الله الشكور. 3) سبب رضوان الله .. قال تعالى {إِن تَكفروا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكم وَلَا يَرضَى لِعِبَادِهِ الكفرَ وَإِن تَشكروا يَرضَه لَكم} [الزمر:7] .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليه أو يشرب الشربة فيحمده عليها) [رواه مسلم] .. فالهج دائمًا ب(الحمد لله) ولكن من قلبك .. فالحمد يرضي الله عز وجل عنك ورضاه يؤدي إلى سعادتك في الدنيا وتمتعَك بالنعيم الذي ما بعده نعيم ورؤية الله عز وجل في الجنة. 4) يبلِّغك درجة المحبة .. استشعارك لنِعم الله عليك وتعدديها سيزرع حب الله في قلبك .. فالله قد جبل النفوس على حب من أحسن إليها. 5) يحفظك من العذاب في الدنيا والآخرة .. قال الله تعالى {مَا يَفعَل اللَّه بِعَذَابِكم إِن شَكَرتم وَآَمَنتم وَكَانَ اللَّه شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء:147].. فالله سبحانه وتعالى لن يعذبك طالما قد شكرت نعمته وآمنت به بل وسيشكرك الله عز وجل على خطواتك التي تخطوها في طريقه ... وقد قدم الشكر على الإيمان لأنك لن توفق للإيمان بدون شكر. 6) يعالجك من الانتكاس والفتور .. قال الله تعالى {.. وَمَن يَنقَلِب عَلَىَ عَقِبَيهِ فَلَن يَضرَّ اللّهَ شَيئًا وَسَيَجزِي اللَّه الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144] .. فلو شكرت لن تنقلب ولن تكون مترددًا. 7) أمان من كيد الشيطان .. أخبر سبحانه وتعالى أن من مقاصد إبليس أن يمنع العباد من الشكر {ثمَّ لَآَتِيَنَّهم مِن بَينِ أَيدِيهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمَانِهِم وَعَن شَمَائِلِهِم وَلَا تَجِد أَكثَرَهم شَاكِرِينَ} [الأعراف:17] .. فكأنه ذكر الداء والدواء .. الداء: هو جحود النعمة والدواء: هو الشكر .. فالشكر يحفظك من الشيطان. 8) من أراد أن يكون من صفوة خلق الله في الأرض فعليه بمزيد الشكر .. فالله وصف الشاكرين بأنهم قليل من عباده { .. وَقَلِيلٌ مِّن عِبَادِيَ الشَّكور} [سبأ :13] .. فهؤلاء هم الصفوة.