قبل اقل من عشرة أيام عن المولد النبوي الشريف، بدأت مظاهر الاحتفال بالمناسبة تنتشر بمختلف أحياء العاصمة، المظاهر التي تقتصر للأسف، على عرض أطنان مختلفة الأشكال والأنواع من المفرقعات، هذه الأخيرة التي تظهر أصناف جديدة منها كل موسم، ويزداد الطلب على الأصناف الجديدة تحديداً، عوضا عن الأنواع القديمة أو التقليدية، ولا يهم بالنسبة للكثير من الزبائن رجالا كانوا أم نساءً، قصرا أم بالغين، السعر بقدر ما يهم شكل المفرقعات الجديدة ومدى قوتها، ودوي انفجارها، وحتى أسمائها التي يجب أن تكون مواكبة للأحداث الراهنة، سواء على الساحة الوطنية أو الدولية، وغيرها من الخصائص والتفاصيل الأخرى التي يصر الكثير من الشبان والمراهقين والأطفال على الاهتمام بها، حبا في التفاخر والتباهي بها، بغض النظر عما تشكله من مخاطر جسيمة، وإصابات بليغة تكتظ بها مصالح الاستعجالات بمختلف مستشفيات العاصمة وباقي القطر الوطني مع كل مولد نبوي شريف. الشيطانة، دوبل بومب، المرقازة، الزربوط، تي ان تي، وغيرها، هي أكثر الأنواع المعروضة حاليا، على مختلف طاولات بيع المفرقعات المتواجدة بأعداد كبيرة عبر مختلف الأحياء، فيما يتساءل الكثيرون عن مصدرها في ظل الأنباء الكثيرة المتداولة في كل مرة عن حجز ومصادرة عشرات الأطنان والحاويات المحملة بالمفرقعات المختلفة التي كانت ستدخل الوطن بطريقة غير شرعية، اغلبها مستورد من الصين. أما الملاحظ فهو أن المفرقعات العادية والبسيطة الحمراء اللون، التي كانت أكثر الأنواع رواجا خلال السنوات الماضية، قد أكل عليها الدهر وشرب، ولم تعد تقنع حتى الأطفال الصغار، حسب احد الباعة بسوق عين النعجة، الذي قال أن الأنواع الجديدة التي دخلت هذه السنة أكثر قوة، وأكثر خطورة أيضا، إضافة إلى ارتفاع أسعارها، مقارنة عما كانت عليه السنة الفارطة، فسعر ابسطها يتراوح ما بين 30 إلى 70 دج للواحدة، فيما تصل أثمان أنواع أخرى إلى نحو 800 أو 1200 دج، مؤكدا أن أكثر زبائنه هم من الأطفال الذين كثيرا ما يكونون مصحوبين بأوليائهم، حيث يجد هؤلاء أنفسهم مجبرين تحت ضغط وإلحاح أطفالهم على اقتناء أنواع تبدو خطيرة للغاية، وغير مناسبة لسنهم. وتبعاً لعرض المفرقعات في وقت مبكر وقبل المولد النبوي بعدة أيام، فان مظاهر اللعب بها، في الشوارع والأحياء، وإلقائها على المارة والراجلين، يبدو أمرا طبيعيا جدا، فكثير من الأطفال صاروا يجدون متعة كبيرة في اللعب بتلك المفرقعات ولكن بإلقائها على المارة وخاصة على الفتيات والسيدات، مسببين لهن ذعرا يُترجم في صراخهن، بالإضافة إلى أن بعضهم وجد في إلقائها على السيارات المركونة متعة لا تضاهيها متعة، خاصة بعد أن تنطلق أجهزة الإنذار من هاته السيارات، ولا يهم أن كان الوقت متأخرا أم مبكرا، ما دام أن اللهو وإزعاج الآخرين هو أكثر ما يجذب بعض الأطفال. وبالعودة إلى الحديث عن المفرقعات، يبدو انه من واجبنا رفع صفارات الإنذار وصيحات التحذير إلى الأولياء ودعوتهم بصفة خاصة هذه السنة إلى ضرورة الانتباه لأطفالهم، ومنعهم من الخروج إلى الشارع واللعب بالمفرقعات وان كانوا سيقتنون لهم أنواعا بسيطة، لان ما سيتم تفجيره هذه السنة بالنظر إلى ما هو معروض بعدد كبير من الطاولات، يحبس الأنفاس، ويجعلنا نرفع الأكف بدعوة واحدة فقط "الله يستر"، فبعض طاولات بيع المفرقعات عرضت نوعا جديدا منها، يباع على شكل علبة كاملة بمبلغ 3500 دج، ومن المستحيل أن تباع بالوحدة مثلما ابلغنا البائع، وهي على شكل أصابع ديناميت من الحجم الكبير، وخطورتها أنها تنفجر جميعها مرة واحدة لأنها متصلة كلها بخيط واحد، وقد قال البائع انه اقتناها فقط لتزيين طاولته وانه لن يجازف ببيعها نظرا لما تشكله من خطورة شديدة، بالنظر إلى قوة انفجارها الرهيبة. يُذكر أن "الاحتفالات" بالمولد النبوي تخلف كل سنة مئات الجرحى من الأطفال والمراهقين، بينما قدر مصطفى خياطي رئيس هيئة ترقية الصحة عدد الإصابات في مولد العام الماضي بأكثر من 5 آلاف إصابة.