ربما أزمة السكن، أو نقص فرص العمل، أو حتى الجشع والطمع، وربما كلّ هذه الأسباب مجتمعة تجعل البعض من الشبان لا يفكرون في الزواج على أنه نصف الدين، ولكن على أنه صفقة مربحة، يجنون من ورائها أموالا طائلة بعد أن يتقربوا من نساء ثريات، لا يهم إن كنّ مسنات أو بشعات أو حتى أن تكون فيهن العيوب السبعة· مصطفى مهدي 14 مليون، أو حوالي هذا الرقم يمثل عدد العوانس، ويجعل الزواج سواء بالنسبة للرجال أو النساء حلما صعب المنال، بل يتحول إلى مستحيل عند نسوة لا يمكن الجمال والمال والمكانة الاجتماعية التي تجعل الخطاب يتهافتون على بيوتهن، بل قد لا تحصل حتى على فرصة واحدة في حياتها، أما الرجال فليسوا أحسن حالاً، ورغم أن الرجل لا يعاب كما يقول المثل، إلا أن هناك مثلاً آخر يقول لا يعيب الرجل إلا جيبه أي إن كان جيبه فارغا فلا حظ له في الزواج، وهي حقيقة دفعت البعض إلى اصطياد زوجات ثريات يكن مسنات في العادة، يئسن من الزواج، وتكون الإطاحة بهن سهلة، وعد ومشاعر كاذبة تكفي لأن تجعلهن يبذلن كل مالهن في سبيل فارس الأحلام الذي ينقذهن من نظرة المجتمع إليهن· الظاهرة ازدادت انتشارا في السنوات الأخيرة، رغم أنها ليست وليدة مجتمعنا، ففي البلدان الغربية تعرف تلك النسوة ب الكوغار أي المسنات اللائي يبحثن عن شباب أصغر منهن سنا، ويكون ذلك بغرض المتعة ومقابل أجور مالية، أما في بلداننا المحافظة فإن الأمر يأخذ منحى آخر، ويختلف بين شخص وآخر، فهناك من "يصطاد" هؤلاء النسوة طمعًا في المال، وآخرون لقلة الحيلة، كما أن هناك تجارب صادقة انتهت بعلاقات زواج ناجحة· ريم، سيدة في الثامنة والثلاثين من العمر، تحكي لنا عن تجربتها مع شاب يصغرها بأربعة عشر سنة تقول: "لقد تعرفت إلى شاب أصغر مني في الحي الذي أسكنه، بدت علاقتنا مستحيلة في البداية، لكني مع الوقت تقبلت الوضع، خاصة وأن الشاب أظهر لي مشاعر جميلة، فقلت بيني وبين نفسي أنه حتى وإن كان فقيرا، وربما يفكر فيما سيربحه من وراء زواجنا، إلاّ أن ذلك ليس عيبا، خاصة وأنه كان شابا طموحا وذكيا، وأردت فعلا مساعدته، لكنه وبعد الزواج تحولت طباعه، وصار شخصا آخر غير الذي كنت أعرفه، بل صار يعيّرني بسني، رغم أنه ربح الكثير من وراء علاقتنا، حين أكمل دراسته ووجد عملاً وكل ذلك قدمته له عن حب، فلم يبق إلاّ أن ننهي علاقتنا فانفصلنا، لكني لا أدري إن كانت كل العلاقات المماثلة تنتهي بهذا الشكل المأساوي، وإن كان آخرون قد نجحوا قبلي، لكن ما أعمله أن الأمر حساس، ويجب على كل من يخوض تجربة مثل هذه أن يفكر مليا، سواء أتعلق الأمر بالرجال أو النساء"· من جهته السعيد، 30 سنة، يقول لنا إنه قد يئس في سن الثامنة والعشرين من أن يتزوج زواجا عاديا، فقرر أن يبحث عن امرأة ميسورة الحال تقبل به ويقبل بها، يقول: "كنت أبحث على صفحات الأنترنت، وعلى الجرائد، وأضع نداءات أينما اتفق، فوقعت على امرأة تكبرني بثمان سنوات، وهو فارق بسيط، وفي البداية لم أكن أعتقد أني يمكن أن أتعلق بامرأة ألتقيها عبر جريدة، لكن علاقتنا سارت بشكل جيد، إذ أنني أحببتها ليس بسبب مالها فحسب بل تعلقت بها، وأنا مرتبط بها منذ سنتين اثنتين، ولم تحدث بيننا مشاكل، إلا بعض النزاعات العائلية، حيث لم توافق أسرتها ولا أسرتي على زواجنا، لكن مع الوقت، وعندما رأوا أننا متحابان تفهموا الأمر، وباركوا هذا الزواج، بل صار يضرب بنا المثل وسط العائلة"· كثيرون أقاموا علاقات مماثلة كانت ناجحة وأخرى لم تكن إلاّ محاولات نصب واحتيال، حتى أن المحاكم تعرف بشكل شبه يومي نزاعات بين الأزواج حول ممتلكات كانت في الأصل للزوجة، لكن الرجل استولى عليها· حجته في ذلك أنه دفع سنوات من شبابه من أجل ما كان يعتبره صفقة لا غير·